مجاوزة اللزوم

Friday, March 11, 2016

في فوبيا ايران ومعادلات السياسة

في فوبيا ايران ومعادلات السياسة
 
السياسة لديهم علم وفن ومصلح وطنية وفق رؤية استراتيجية وموقع اقليمي وليست بمعنى احب واكره وهواي شرقي او غربي او حقدي اطول من حرب البسوس.  الدول المحترمة تتصرف هكذا وهي محترمة لا يجب ان تعجبني.  ايران تتداخل مصالحها مع العرب وفي غياب مشروع رؤية تاريخية استراتيجية وموقع اقليمي عربي تاخذ ما تقدر عليه وفق رؤيتها المنطقية للاشياء والجغرافيا من حولها، ليس هذا استعمارا ولا هو هيمنة بل هو منطق الاشياء.  ايران ليست عدوا ولا هي مستعمر، هي دولة تسمي الخليج فارسيا وتمثل الدور سياسيا وعسكريا واقتصاديا ضمن رؤية مصالح وطنية، لن يكون الخليج عربيا الا اذا صيغ ضمن رؤية للتاريخ والمستقبل.  ومن لا يفهم هذا المنطق فعليه ان يكون اخوانيا او هاويا للسياسة...دخول ايران في الملفات العربية هو مسالة مصالح وطنية لها كدولة وهو ايضا سند لطرف في المنطقة اسمه المقاومة.  افيقوا قبل ان تكونو مجبرين على الانحناء للمشروع المعادي للامة بفعل الصدمة:  هنالك مشروع يصاغ في المنطقة بمفردات السياسة والمقاومة والمصالح المشتركة بين القوى الوطنية المعادية لمشروع سايكسبيكو الجديد واصحاب المشروع القاضي بتقسيم المنطقة الى ديلات اشد لعقا لاحذية الغرب المفلس والمداس اصلا من الشركات الكبرى واباطرة المال العالمي.  ان المارهنين على الغرب سابقا لتوفير شيء من النمو والاستقرار عبر ارضاء اوروبا وامريكا لم يعد بامكانهم الحياة مع هذه المعادلة التي انتهت بموجب واقع اقتصادي واملاءات مالية استثنائية جدا انتبه اليها الناس بعد ازمة 2008 ولذلك فمعادلات الامن والسلامة وتحسين الاوضاع عبر الركون الى جناح الغرب في اطار دويلات  صغيرة ومقزمة لم يعد لمعادلته من مبرر، والا لما سقطت انظمة مثل ما وقع في تونس ومصر واليمن.  المعادلات السياسية اليوم تتمحور حول صياغ منظومة مقاومة سياسية واقتصادية  او الانخراط في اليأس عبر انتظار الدم والتقسيم والتجويع بلا جزرة ولا اي شيء في المقابل تنفيذا لمشروع تغيير الخارطة السياسية المطلوب ماليا عالميا قبل ان يكن ذلك مشروعا صهيونيا امريكيا.       ما يمكن ان ينبت تحت ظل هذه الحالة اليائسة المنتظرة للخراب هو مشاريع دول العصابات الداعشية وامارات الاخوان الحالمين بمتر مربع ينفذون فيه مشروعهم في تنفيذ الشريعة المنتمية ظلما للاسلام واخوانهم من المحتلمين بدويلات الاقليات التي لا يسندها حق ولا تاريخ ولاعقل.   مشاريع الانتحار هذه ستجد نفسها يوما على مذبح الراسمال المعولم ولن تتمكن من صناعة هوية في عالم يراك سيدا او خادما لا يختار حتى اسمه.  ما نراه اليوم هو صور لهذا، فمن اختار تسمية للاقليات في المنطقة؟ من سمى الحركات الداعشية ورموزها؟  هذه كلها اسماء معدة باتقان مراكز الدراسات الاستراتيجية والمخابرات، فالبربر وغيهم من الاقليات المرتبطة بهم يقدم لهم امازيغ وشعار افريقي له دلالات حضارية وتاريخية اخرى.  والدواعش يهدى لهم شخص اسمه ابو بكر ابو السنة المرتبطة بالتاريخ الواهم عن بغداد الحضارة  والرخاء ، والمحاربون لفقراء اليمن القاتلون لابنائهم يسمون  درعا.  وهكذا تصنع لغة لنا للنخرط فيها وفي دلالتها ومساق خطابيتها وما تفعله بالعقل الباطن.     
                                      من لديه ذرة عقل يترك الخصومة حول ايران وماضي المآسي وينظر الى موقعه مما يجري: اما محور مقاومة او قبو استكانة الى ان يحل الزلزال المدمر.   المقاومة لا تعني ان نسلم بان حزب الله وايران مخلوقات طاهرة وملائكة رحمة ولا يعني ان نرفع علم ايران تمجيدا ولا صور الملالي والمراجع خنوعا.  لا يعني ايضا ان ننتطر منهما ان يحميا وطننا ويبنيانه، انها مسالة خيار نلتقي عليه ونبني في ظله ونفترق عليه.  لا احد من اصحاب العقول ينتظر منا ان نركن تحت اجنحتهم ولا ان نستجديهم ، فقط من عاش بغقلية المذلة والعمالة يفهمون الامور بهذا الشكل
الايمان بهذا المشروع لا يقتضي ان نصبح شيعة ونتنكر لمذاهبنا ولا ن نمارس اللطميات او ان ننتصب منتقمين من الامويين اونابشين في التاريخ الدموي الذي بناه الحكام وفقهاء.
 من لا يفهم موقعه اليوم ويفهم مقاييس صياغ المعادلات لا يفهم اية صيغ في لغتي.

Saturday, January 9, 2016

بين المناكفة والتمكين والمقاومة

بين المناكفة والتمكين والمقاومة
تعمل نماذج العمل السياسي وفق قواعد مطلبات الطرح وسقف الاهداف.  لذلك فاسلوب النضال يعبر عن حقيقة البديل السياسي وعن تأصله وجدية طرحه.  وعكس ما كان يعتمد في تقييم طروحات واساليب العمل السياسي، نضالا كان او عملا محدودا، من راديكالي مقابل اعتدال، او سياسة مقابل عنف، أو حلول مجتزأء مقابل حلول ثورية جذرية، فإن مجمل التجارب السياسية افرزت نماذج أخرى متماهية مع نوعية الطرح السياسي ومعبرة عن صدقيته ومستوى تطلعاته.  من الجدير بنا اليوم اعتماد هذه النماذج لمقاربة المشاريع والبرامج السياسية للحركات والاحزاب ومعرفة مواطن الخلل ومآل هذه المشاريع التي قد تبدو لنا اكثر قدرة شعبية وقدرة على تغطية التطلعات الكبيرة.
في مجمل التجارب السياسية للمعارضات الوطنية والنضالات ضد المحتل والاجنبي والحركات الشعبية عموما، هنالك ثلاث خيارات اعتمدتها الحركات سواءا عن وعي او تمثلا غير واقع لحجمها وتطلعاتها ونوعية مشاريعها.  يمكن حصر هذه الاساليب السياسية و"النضالية" في منهج المناكفة واسلوب التمكين وبديل المقاومة. 
مثلت المناكفة اسلوب معارضة شعبية حزبية ونقابية احيانا كشكل من العناد في وجه الحاكم لاحداث ضجيج متواصل، دون الدخول في صدامات ثورية راديكالية، من اجل تحسين اوضاع معيشية او ارغام صاحب السلطة على الرضوخ لمطالب ملحة وتطلعات شعبية محصورة.  من المهم ربط هذا المنهج بمجمل العلاقات التي قامت بين الحاكم والرعية الى ما بعد نهايات الفترة الاولى من الاستعمار الفرنسي لتونس عندما كانت مجمل ردود الافعال على الجباية والظلم تنحصر في الانتفاضات التي تعبر عن وجدان رافض بدون خطة عمل او تطلع لتغيير نظام الحكم، أي ان هذه الافعال في مجملها محصورة في الزمان والفاعلية وغير ممتلكة لمشروع بديل او لجرأة على التغيير الفعلي والكامل، أو حتى لتصور لما ستكون عليه الامور اذا ما انزاح الظلم بعوامل خارجية.  وهذا عامل مهم في فهم الانكسارات التي حدثت لكل الحركات المناكفة والتحركات الوجدانية العفوية.  لقد اعادت شعوب منطقتنا انتاج نفس الفشل كل مرة لانها لم تتحسس طريق المقاومة والفعل الحقيقي. هذه النظرة كانت تغلب حتى على التصورات والبدائل الثورية بعد كل انكسار، فيتحول المشروع الكبير الى مشاكسات مع انظمة الحكم تنتهي بتدجين وتركيع المشاكسين، ولعل الامر نفسه ينطبق على الردود العفوية التي وسمت سياسات انظمة كثيرة استدرجت الى الهرسلة والحرب والتدمير بعل غياب بديل المقاومة كخيار استراتيجي.
في نفس الوقت قدمت مرجعات دينية وغير دينية اسلوب التمكين كوسيلة للوصول الى مركز القرار بسلام وتفعيل التغيير من داخل المنظومة.  غير ان الملفت هو ان التغيير في الاخير يحدث لمنظومة طالبه اكثر مما يؤدي الى تغيير الواقع بديلا افضل وحلما شعبيا اسمى.  لعل المرجعيات الفقهية المتسترة بمشروعية التقية قد وفرت مشروعية لقادتها ان يستعملوا التلين والتلون كوسائل للمهادنة والتسرب الى السلطة لتغيير الواقع والتمكن من تنفيذ مشاريعهم من خلال ذلك، وبعيدا عن المشروعية، فإن المحصلة غالبا ما تكون الاستدراج الى المنظومة والانظباط لها اكثر مما تمثل خيارا لمحاربة الفساد وتحقيق العدل والرخاء.  ثم أن التمكين عبر الانخراط في منظومات المال العالمية هو افراغ للمشروع البديل من كل عمق شعبي وتمييع للقضية ولحاملي مشعلها، فعندما تحولت همة بعض حركات النضال الوطني الى الحصول على التبرعات والهبات، شل الشعور بالرخاء والانخراط في الاعمال النضال واصبح المال بديلا عن الوطن وغاب صوت البندقية ليصبح شح التبرعات مؤديا للسقوط في اسلو وما تلاها.  وهو ما يقع كل عقد تقريبا لحركات كثيرة بحثت عن التمكين فتحولت الى جزء من المكينة العامة لمؤازرة الكشروع القائم عبر توهمها احداث تغيير بطيئ مع الوقت. 
من جانب مقابل نرى ان الشعوب التي بنت روحا ثورية متوارثة وحققت امجادا تاريخية وانتصارات غير قابلة للمساومة ضد اعدائها، كانت قد بنت ذلك على تأسيس ثقافة مقاومة وروح مقاومة وعقيدة مقاومة.  لعل الرؤية العامية لمسألة المقاومة تستحضر العنف والحرب والراديكالية كاساليب وصور حصرية معبرة عن البديل.  أي أن المقاومة هي فعل عنيف وعناد قوي واصرار سيزيفي من اجل بلوغ هدف سياسي معين.  إلا ان المقاومة هي رؤية غير مجتزأة للاشياء تنظر الى خارطة فيها معالم واضحة وحدود جلية لمن هو العدو وعقيدة راسخة لتاريخية القضية وايمانا يقينيا بعدالة المطلب.  كما انها لا تؤمن بالوهم المتمثل في اعتماد التقية للوصول الى التمكين.  وهي ايضا رد على متطلبات الديناميكية والشجاعة المطلوبتان لفرض الخيارات على الميدان وتحقيق الامتدا الشعبي الضروري لكل قضية.
لعل المعنى الاهم ف تناول هذه الخيارات ومناقشتها ولو بشك موجز هو محاولة لفهم جزئ هام من تاريخنا تمثل في الحركات الاجتماعية التي لا تؤول الا الى فشل ولا تنتهي الا بمأساة وانكسار جديد كل مرة ينفلت فيها العقال لحظة غضب ونقمة من اوضاع الظلم والحيف والاستبداد والتفقير.  هذا ما يفسر توق انفسنا الى الحرية والعدل والكرامة بدون القدرة على تشكيل بديل يجعل المقاومة قضية وعقيدة.