مجاوزة اللزوم

Sunday, January 26, 2014

امة السلف الذي لا يصلح لنا: بربريست سلفي وهابي سلفي اخواني سلفي قومي سلفي بورقيبي... حتى التخلف صار سلفيا في امتي. الجميع يفتح الصور الفتوشوبية للماضي ويبني عليها احلاما وردية على الورق دموية في المجتمع. المؤامرة تتخذ من هذه الافكار مادتها لتضرب غباءنا باحلامنا وتخلطه بالدم. كل البرامج السلفية تتتعسف على الماضي وتقدس عفوناته لتبني خلافات وانشقاقات وحروبا و ماسي اخرى. كفانا سلفية رجاءا فلو صلح سلفنا لما اورثنا تتركة التقاتل بين الاخ واخيه والسلب والنهب. امم العالم تتوحد لمجرد الجغرافيا اما سلفياتكم فتفرقنا بين امازيغي ومستعرب وعربي ، بين مسلم ذي لحية واخر ذي عمامة وغيره ممن يدخل الحمام باليمنى، بين مسلم متاسلم ومسلم الا ربع، بين عربي قح وعربي مستعرب واخر من دم بربري. الغرب المتقدم رضي الله عنه يجمع بين الانجليز والاسبان . بين الفرنسيين واللمان برغم الام وجرااحات الحروب وينسون كل ذلك من اجل ب. انهم يصدرون الينا فيروس السلفية كل حسب شهوته: سلفية امازيغ سلفية اخوان سلفية وهابيين والقائمة مفتوحة لاصحاب الشهايت المفتوحة للدم والدمار. نحن متطرفون بالوراثة الجينية اصلا. فكيف لا ناخذ الامور بعقلانية؟ انسب الى نفسك ما شئت لكن لا تتعسف وتنتقم من التاريخ لصنع المستقبل. الدروس تأخذ بالعقل والثارات لم تخلف غير حرب البسوس وما شاكلها من السخافات. ان رايت ان سلفك الصالحين، وانا اشك في صلاح من ورثنا الدم والخنوع، قد ظلموا فاطلب السلامة والعزة لابنائك لان القاضي بن يحاكم الاموات. الحركات العنصرية وحدها تبني على هلوكوستات ماضية لتبرر اقصاء وقتل الاخر وافتكاك ما لديه. العنصريات وحدها تنشئ الماسي من رحم التشاكي ودعاوي التفتيت. الاصل في العقل والمبدأ في الرصانة ان يقول الحريص على دينه وصلني هذا المعتقد وانا في هذا القرن واعيشه بمنطق العصر ومن سبقني لن يكون افضل مني واقدر على البناء والتدين الصحيح ، المسالم البناء. اما من جاءك يغلي وهو يطلب الثأر لمن بدل لغة اجداده، فعنه صبّر النفس لعله يستذكر ان الالسنية بعلومها وقوانينها لكلامه لا تستسيغ ولقوله لا تصغي لان طريقة العيش لا تغير لغة برمتها الى اخرى. وهب ان العرب بفاتحيهم وغازيهم اجبرواالناس على دورات مكثفة في العربية وفرضوها على الرضع والعجز بحد السيف، فهل تاتي من جديد لتفرض علينا لغة سلف السلف بسيف اخر من هذ االعصر؟ بقي العرب ما بقوا في الاندلس ويوم غادروها مطرودين لم تلبث لغتهم ان سحبت الرداء من بعدهم وانسدل الستار على حقبة باكملها وعاد الناس الى لغتهم الاولى. لا خلفهم يبكي سلفه ولا لغتهم استحالت عربية. هل كان العرب ارحم بالاسبان منهم بسلفنا؟ لا ولك العائلات اللغيوة لم تكن تسمح بلغة الالتقاء بين المنطوقين. ثم أ ن اللغات التي هي من نفس العائلات اللغوية معرضة اكثر الى التمازج والانصهار في اطار قوانين طبيعية لا ظلم فيها ولا هضم لحقوق يستدعي الثأر اليوم بتمزيغ ما قد تعرب سلميا وطوعيا وفي اطا حركة طبيعية للامور لا يرقبها غير فيروس السلفية الصهيوني الصنع. بينما لم يذعن سلفك "الامازيغي" زعما لحكم العربي الحجازي واعتنق الاسلام واللغة وبقي وفيا لهما حتى بعد مغادرة حكم الخلافة ارضنا. احكم الرومان السيطرة لقرون اطول فلم نتكلم لغتهم فلم تقولوا تمرمرنا والحال ان التاثير اللغوي كان بفس الاحكام وفي نفس السياقات. مرت علينا كل الحضارات جرا وسحلا ولم نتغير الا بما تحكم به قوانين علوم الاجتماع واللغة وغيرهما، بقيت النواة والجذع وانصرف الزبد الى جفائه. والقول ان العنصر العربي لا غير هو لون الخريطة من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي هو ضرب من السلفية الحجازية. ثم ان القول ان الأمة صنيعة توالد من اسر الى مكونات اكبر كالفخيذة والقبيلة والعشيرة هي حركة تزييف للتاريخ لم يعد حاملوا المشروع القومي يستأنسون بها. الامة وعاء حضاري تمن بها الاقدار ومسارات التاريخ على شعوب وقبائل فتتجانس المكونات الحضارية لتصنع جسدا ثقافيا في سياق حضاري واطار جغرافي سياسي يجمع كتلة بشرية تصنع بسنن الحياة وقوانين الامور امة تجتمع على تكثيف الالتقاء والتلاحم مع تجارب التاريخ فتصبح مكونا واحدا رغم درجات الاختلاف الداخلي، وهو امر ضروري لكل كتلة. في هذا السياق تصبح الصيحات السلفية تشضيا وتدميرا للكيان الاشمل الذي من المنطقي أن يحمي الجميع. والسلفية هنا هي من دواعي غياب الروح الجمعية وهو مايصيب الفرد في علاقته بالجمع الذي ينتمي اليه سياسيا او اجتماعيا او عقديا. كلما احس الفرد بضعف المركز والعصبة الجامعة كلما اصبحت الفردية طوق النجاة الاقرب الى ردة الفعل اللاارادية منها الى الهبة الجماعية. ففي اطار عجز الامة بمفهومها التاريخي كاطار حضاري عام على حماية الفرد واحتواء احلامه ومتطلبات عيشه، يصبح الكيان الذي يليه اقرب الى استيعاب احاسيس وشجون الروح الجمعية. فبغياب الامة تصبح الكيانات الاقليمية المتمثلة في الدول الوطنية معبرة عن الهوية والمتطلبات، اما في حال استيلاء الاقلية على مقدرات الدولة فيتحول الثقل الانتمائي الى الجهة او القبيلةاو غيرها. وفي غياب القبيلة كما في تونس يلتجأ الافراد الى تعبيرات اكثر صغرا وتقوقعا كالحارة "الحومة" التي تصبح مبررا للدفاع والتأزر. وبما أن الحارة هي اقل قدرة على تلبية متطبلات الروح الجمعية وتحقيق الانتماء والاحساس بالامان، تتحول الاحزاب ونوادي الكرة الى مكونات اجتماعية تحقق جانبا مهما من احساس الفرد باجتماعيته، وهو الامر الذي يحدث عندما تفقد المجتمعات الروح الجمعية العامة. ففي تونس مثلا ضعف اهتمام الناس بالكرة وتحزبهم لها في ما بعد هبة 2010-2011. عوضت الاحزاب هذا الداعي النفس اجتماعي الى حد ما ثم فشلت في تحقيق متطلباته فظهرت الروح الجهوية في فترات متفاوتة غابت فيها الاحاسيس الاعم بالوطنية. ان ظاهرة التشظي هذه تظهر اليوم عبر الدواعي السلفية غير واعية بان هذا هو ضرب للروح الوطنية داخل الدول الاقليمية بشكل واضح بتفتيتها الى انتماءات عرقية ولغوية كان عليها السلف المتهم بالصلاح وليست مجرد دعاوي حق تبغي اعادة تسمية الاماكن بتسميات للغة سابقة. لم يطلب الانجليز اعادة تسمية كامبردج ونوتنهام او غيرها بسبب تعود الى وليام اوف نرماندي الغازي . فلو قام هذا الادعاء لضحك الانجليز انفسهم من ذلك. ان اصل نوتنجهام (اسمها الاصلي الانجليزي = سنوتنجاهام= مستوطنة سنوت) هو عدم قدرة اهل نورمندي الغزاة على التقاء السين "س" مع النون "ن" فاصبحت سنوتنجهام، والامثلة كثير في هذا السياق. وبرحابة صدر قبلها الانجليو لانها اتية من عوامل سياسية واجتماعية تاريخية سببها "اعاقة" فونواوجية لدى المستعمر النورمندي. ان الوعي الجمعي في انجلترا يمتلك نضجا وهمة عالية ولا حاجة به الى سلفية سكسونية او انغلو ساكسونية تعيد الثأر من تاريخه. فمتى نتوقف عن اللعب ابصابعنا في كل مكان من جسدنا باحثين عن ثغرة او ندبة او مدخل نولي اليه هربا من عدالة ودفئ اللروح الجمعية؟ ان المغتاض من عوامل التاريخ الطبيعي لاشياء سلفي لا يعيش يومه والخوف كل الخوف من تدميره لمستقبلنا.

امة السلف الذي لا يصلح لنا: بربريست سلفي وهابي سلفي اخواني سلفي قومي سلفي بورقيبي...
 التخلف صار سلفيا في امتي.

الجميع يفتح الصور الفتوشوبية للماضي ويبني عليها احلاما وردية على الورق، دموية في الواقع،  المؤامرة تتخذ من هذه الافكار مادتها لتضرب غباءنا باحلامنا وتخلطه بالدم. كل البرامج السلفية تتتعسف على الماضي وتقدس عفوناته لتبني خلافات وانشقاقات  وحروبا و ماسي اخرى. كفانا سلفية رجاءا فلو صلح سلفنا لما اورثنا تركة التقاتل  بين الاخ واخيه والسلب والنهب بين الجار وجاره. امم العالم تتوحد لمجرد الجغرافيا اما سلفياتكم فتفرقنا بين امازيغي ومستعرب وعربي ، بين مسلم ذي لحية واخر ذي عمامة وغيره ممن يدخل الحمام باليمنى والاخر باليسرى، بين مسلم متاسلم ومسلم الا ربع، بين عربي قح وعربي مستعرب واخر من دم بربري.  الغرب المتقدم رضي الله عن تحضره يجمع بين الانجليز والاسبان . بين الفرنسيين والالمان برغم الالم وجراحات الحروب وينسون كل ذلك من اجل مشتقبلهم. انهم يصدرون الينا فيروس السلفية كل حسب شهوته: سلفية امازيغ سلفية اخوان سلفية وهابيين والقائمة مفتوحة لاصحاب الشهوات المفتوحة للدم والدمار.
نحن متطرفون بالوراثة الجينية اصلا. فكيف لا ناخذ الامور بعقلانية؟ انسب الى نفسك ما شئت لكن لا تتعسف أوتنتقم من التاريخ لصنع المستقبل. الدروس تأخذ بالعقل، أما الثارات لم تخلف غير حرب البسوس وما شاكلها من السخافات. ان رايت ان سلفك هم الصالحون دون غيرهم، وانا اشك في صلاح من ورثنا الدم والتخلف، قد ظلموا فاطلب السلامة والعزة لابنائك لان القاضي لا يحاكم الاموات. الحركات العنصرية وحدها تبني على هلوكوستات ماضية لتبرر اقصاء وقتل الاخر وافتكاك ما لديه. العنصريات وحدها تنشئ المآسي من رحم التشاكي ودعاوي التفتيت.
الاصل في العقل والمبدأ في الرصانة ان يقول الحريص على دينه بمنطق وصلني هذا المعتقد وانا في هذا القرن واعيشه بمنطق العصر ومن سبقني لم يكن افضل مني واقدر على البناء والتدين الصحيح ، المسالم البناء.  ألم ينسب الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قوله ان اقواما سياتون من بعده وهم اكثر ايمانا به ممن رأوه؟
 اما من جاءك يغلي وهو يطلب الثأر لمن بدل لغة اجداده، فعنه صبّر النفس لعله يستذكر ان الالسنية بعلومها وقوانينها لكلامه لا تستسيغ ولقوله لا تصغي لان طريقة العيش لا تغير لغة برمتها الى اخرى. وهب ان العرب بفاتحيهم وغازيهم اجبروا الناس على دورات مكثفة في العربية وفرضوها على  الرضع والعجز بحد السيف، فهل تاتي من جديد لتفرض علينا لغة سلف السلف بسيف اخر من سيوف هذ االعصر؟

بقي العرب ما بقوا في الاندلس ويوم غادروها مطرودين لم تلبث لغتهم ان سحبت الرداء من بعدهم وانسدل الستار على حقبة باكملها وعاد الناس الى لغتهم الاولى.  لا خلفهم بكي سلفه ولا لغتهم استحالت عربية.  هل كان العرب ارحم بالاسبان منهم بسلفنا؟ لا ولكن العائلات اللغوية لم تكن تسمح بلغة الالتقاء بين المنطوقين. ثم أ ن اللغات  التي هي من نفس العائلات اللغوية معرضة اكثر الى التمازج والانصهار في اطار قوانين طبيعية لا ظلم فيها ولا هضم لحقوق يستدعي الثأر اليوم بتمزيغ ما قد تعرب سلميا وطوعيا وفي اطا حركة طبيعية للامور لا يرقبها غير فيروس السلفية الصهيوني الصنع.
لم يذعن سلفك "الامازيغي" زعما لحكم العربي الحجازي واعتنق الاسلام واللغة وبقي وفيا لهما حتى بعد مغادرة حكم الخلافة ارضنا.  احكم الرومان السيطرة لقرون اطول فلم نتكلم لغتهم فلم تقولوا تمرمرنا والحال ان التاثير اللغوي كان بنفس الاحكام وفي نفس السياقات، أذا استثنينا التقارب اللغوي بين العربية والامازيغية.  مرت علينا كل الحضارات جرا وسحلا ولم نتغير الا بما تحكم به قوانين علوم الاجتماع واللغة وغيرهما، بقيت النواة والجذع وانصرف الزبد الى جفائه.

أما القول ان العنصر العربي لا غير هو لون الخريطة من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي هو ضرب من السلفية الحجازية. ثم ان القول ان الأمة صنيعة توالد من اسر الى مكونات اكبر كالفخيذة والقبيلة والعشيرة هي حركة تزييف للتاريخ لم يعد حاملوا المشروع القومي يستأنسون بها.  الامة وعاء حضاري تمن بها الاقدار ومسارات التاريخ على شعوب وقبائل فتتجانس المكونات الحضارية لتصنع جسدا ثقافيا في سياق حضاري واطار جغرافي سياسي يجمع كتلة بشرية تصنع بسنن الحياة وقوانين الامور امة تجتمع على تكثيف الالتقاء والتلاحم مع تجارب التاريخ فتصبح مكونا واحدا رغم درجات الاختلاف الداخلي، وهو امر ضروري لكل كتلة. في هذا السياق تصبح الصيحات السلفية تشضيا وتدميرا للكيان الاشمل الذي من المنطقي أن يحمي الجميع.
  والسلفية هنا هي من دواعي غياب الروح الجمعية وهو مايصيب الفرد في علاقته بالجمع الذي ينتمي اليه سياسيا او اجتماعيا او عقديا.  كلما احس الفرد بضعف المركز والعصبية الجامعة كلما اصبحت الفردية طوق النجاة الاقرب الى ردة الفعل اللاارادية منها الى الهبة الجماعية. ففي اطار عجز الامة بمفهومها التاريخي كاطار حضاري عام على حماية الفرد واحتواء احلامه ومتطلبات عيشه، يصبح الكيان الذي يليه الى الاسفل اقرب الى استيعاب احاسيس وشجون الروح الجمعية. فبغياب الامة تصبح الكيانات الاقليمية المتمثلة في الدول الوطنية معبرة عن الهوية والمتطلبات،
اما في حال استيلاء الاقلية على مقدرات الدولة فيتحول الثقل الانتمائي الى الجهة او القبيلة او غيرها. وفي غياب القبيلة كما في تونس يلتجأ الافراد الى تعبيرات اكثر صغرا وتقوقعا كالحارة "الحومة" التي تصبح مبررا للدفاع والتأزر.  وبما أن الحارة هي اقل قدرة على تلبية متطبلات الروح الجمعية وتحقيق الانتماء والاحساس بالامان، تتحول الاحزاب ونوادي الكرة الى مكونات اجتماعية تحقق جانبا مهما من احساس الفرد باجتماعيته، وهو الامر الذي يحدث عندما تفقد المجتمعات الروح الجمعية العامة.  إنتبه عالم اجتماعا الجماعات كوترال الى هذا الأمر وفي سياقه درس تكوين المجموعات الشبابية.
ففي تونس مثلا ضعف اهتمام الناس بالكرة وتحزبهم لها في ما بعد هبة 2010-2011.   عوضت الاحزاب هذا الداعي النفس اجتماعي الى حد ما ثم فشلت في تحقيق متطلباته فظهرت الروح الجهوية في فترات متفاوتة غابت فيها الاحاسيس الاعم بالوطنية.  ان ظاهرة التشظي هذه تظهر اليوم عبر الدواعي السلفية غير الواعية بان هذا هو ضرب للروح الوطنية داخل الدول الاقليمية بشكل واضح بتفتيتها الى انتماءات عرقية ولغوية كان عليها السلف المتهم بالصلاح وليست مجرد دعاوي حق تبغي اعادة تسمية الاماكن بتسميات للغة سابقة.  لم يطلب الانجليز اعادة تسمية كامبردج ونوتنهام او غيرها بسبب كونها تعود الى وليام اوف نرماندي الغازي . فلو قام هذا الادعاء لضحك الانجليز انفسهم من ذلك.
ان اصل نوتنجهام (اسمها الاصلي الانجليزي = سنوتنجاهام= مستوطنة سنوت) هو عدم قدرة اهل نورمندي الغزاة على التقاء السين "س" مع النون "ن" فاصبحت نوتنجهام، والامثلة كثيرة في هذا السياق. وبرحابة صدر قبلها الانجليو لانها اتية من عوامل سياسية واجتماعية تاريخية سببها "اعاقة" فونولوجية لدى المستعمر النورمندي.  ان الوعي الجمعي في انجلترا يمتلك نضجا وهمة عاليتين ولا حاجة به الى سلفية سكسونية او انغلو ساكسونية تعيد الثأر من تاريخه.
فمتى نتوقف عن اللعب ابصابعنا في كل مكان من جسدنا باحثين عن ثغرة او ندبة او مدخل نولي اليه هربا من عدالة ودفئ الروح الجمعية؟  ان المغتاض من عوامل التاريخ الطبيعي للاشياء سلفي لا يعيش يومه والخوف كل الخوف من تدميره لغدنا.

Sunday, January 5, 2014

الإعاقة التفاعلية وإعادة صنع االفشل

الإعاقة التفاعلية وإعادة صنع االفشل 


لقد اتسمت السنوات الاخيرة ببروز معاني حضارية جديدة طبعت مجمل الابحاث والتوجهات والابداعات في العلوم الانسانية
 والاجتماعية بصفة عامة، وعلوم التربية بصفة اخص. تتمحور هذه المعاني حول التواصل والتفاعل الذين يبنيان المعاني والمشاريع والمعارف أيضا. 

فالعلم هو بناء تحاوري تواصلي تتبلور فيه الافكار والنظريات ومجمل الاكتشافات في اطار تفاعلي فيما بين الباحثين والمحاضرين والطلاب. فلا يمكن لباحث بمعزل عما سبقه وما يعاصره من اعمال ان ينجز تطورا علميا.  ولعل تطور طرق التواصل هي التي سرعت الابحاث والاكتشافات في الحقبة الاخيرة.  

كما أن التدريس نفسه لا يصبح تعليما الا اذا كان في سياق تواصلي حواري ينطق فيه المتعلم بقواعد الدرس ويصل الى مجمل الاستخلاصات والمفاهيم التي يهدف اليها المعلم. انها جوهر الطريقة التوليدية التي تجعل المتعلم جادا في الوصول الى المعلومة بمساعدة المعلم. 

وفي السياق الاجتماعي، يصبح التقاء الافراد على راي واحد اكثر صعوية في المجتمعات الفردانية النزعة، بخلاف المجتمعات القبلية التقليدية التي يكون فيها الوعي مستنسخا ومشتركا بين الافراد كتعبير عن التضامن والوحدة.  وبذلك يصبح الحوار والتفاعل بين الافراد امرا حتميا للتاسيس.  اذ ان وجود قوى اجتماعية مختلفة يدفع كل منها في اتجاه معاكس للاخر يجعل طرح الديمقراطية والتعايش السلمي امرا مسحيلا.

يقتضي التفاعل الادراك بان غلبة مكون اجتماعي او سياسي على اخر باية طريقة كانت، حتى من خلالل منطق الاقلية والاغلبية، هو استئصال خطير لاسيما ونحن نعيش فترة تاسيس لم تستقر فيها مجتمعاتنا على حال تنتج فيها افكارا نمطية عامة.  ان الغلبة أو تغليب قيم اجتماعية على اخرى هو اعادة لنفس الحمق الذي مارسناه لقرن ونصف.  باسم الفئة الغالبة استعملت كل الاسلحة وخاصة ما يتنافر ببعضه مع بعض (النص والفتنة) لتغليب شق على اخر ونفي الاخر تماما. كما انسحب الامر على كل مناحي الحياة فكونا بذلك ثقافة الاقصاء والتنكيل والصد وتفننا في اخراجها بكل اصناف التدين. فاصبح الاقصاء والسحل والسلخ والسلب والنهب والاعتداء على الاعراض يتم باسم الدين وعبر بوابة الجهاد، الفعل المقدس اصلا.   

لم نكون فضاءا واحدا في تاريخنا من اجل ثقافة القبول والبناء. الغينا العقل والحق والفضيلة ولم نحاور حتى ككافرين بها بل حاربناها بلغة السيف والقوة وحدها.  لم نكتب ونجادل ونسفسط اصحاب الراي الاخر حتى.  اكتفينا بالاقصاء مسنودين بما عشنا مصرين عليه من فهم للنص القرآني ومستعينين بالسيف اولا واخيرا.  لم ننتبه اننا باقصائنا وتكفيرنا للفئة الباغية نبغي في الارض ونحفر قبورنا في حركة سيزيفية لم ننتهي منها الى الان.

ان كفرنا بالتفاعل والبناء والاحتضان والمحبة والقبول والجدال والاقناع والاقتناع و"تهوية" الادمغة وطرد ركن الشيطان فيها هو انكار لمعلوم من الدين بالضرورة. كلنا يعرف هذه القاعدة الفقهية كاحدى تعريفات الكفر لكننا لا نعي أن قصر الحقيقة على ما في عقل الواحد منا او ما في عقل شيخه أو رئيسه أو ربه الدنيوي هي عين الكفر. فالحق هو الله عز وجل والحقيقة ليست متمثلة في بعد او اثنين او اكثر فقط. انها صوة بابعاد مختلفة ومتناهية جدا لا يصلها الا العقل المحض. هذا اذا تحدثنا كمسلمين، اما والحال اننا مطالبون شرعا وعقلا ان نتحدث بخطاب اممي اشمل يتماشي مع ما نحن معنيون به من نشر لرسالة خير وسلام، فانه ينبغي علينا القبول بان مجمل الاراء المختلفة، بما فيها دعاوينا الفردية والجماعية، هي اشكال من الحقيقة ونسب مئوية منها.

ان النظر بعين السياسة اليوم يحيلنا الى صور تكفير مشترك ومتبادل بدون القدرة على التفاعل، لا بل ان محاولة الحاور نفسها هي انتاج للاقصاء في المحصلة.  في الحقيقة، تبدو المعيقات متمثلة في مركبات الغرور والخوف وعدم القدرة على الفهم، إنها الاعاقة الادراكية. رغم ان الاخير هو مصدر الاولين، يبقى الغرور بالدين مسالة واضحة في ركون الاغلبية الى الثبوتية في المواقف والثبات المستمر على الخطأ الكارثي.   

عجبا لامة تقرأ "تعالو الى كلمة سواء بيننا وبينكم" (قران كريم) يخاطب فيها الله تعالى اصحاب دين اخر، لا تعرف المحاورة والتفاعل.  يجعلنا هذا الامر على يقين من اننا لم نلامس حقيقة الدين الا قليلا ولم نفهم معانيه حتى نتكلم باسمه وندعو اليه ام نتبناه كمشروع حضاري.

إن حاجة المجتمعات الغربية الى المحاورة كاسلوب تربوي وكمنهج حياتي وعلمي و بحثي و وجداني نابعة من وجود تركيبة اجتماعية فردانية فيه نتجت عنها سلوكيات فردية انعزالية واخرى معادية للمجتمع unsocial and antisocial  وهو الامر الذي لم نصله بعد.  لكننا مقابل ذلك نعاني من عداء الاخر والغائه حتى في ذواتنا وهو ما يحتم علينا اما ترسيخ التفاعل أو اقصاء الاستئصاليين انفسهم لان محاورة بائعي عقولهم هي من اشق المهمات واكثرها عبثية.