مجاوزة اللزوم

Wednesday, December 26, 2012

تصبحون على سابع آخر

تصبحون على سابع آخر

حذاري من طبخة من فري وسحت فاحت رائحتها النتنة.  منذ بداية مشوار الانتخابات و التأسيسي اصبح الاعلام يطبخ على نار هادئة لارجاع السلطة الى المافيا القديمة وانهالت الشتائم على النهضة االغبية المتكالبة ثم افرغ المشهد من كل شيئ الا الدساترة (حزب فرنسا) و النهضة. 
 
 حتى اليسار كان فقط اليد التي يضرب بها الاخطبوط المالي الاعلامي السياسي المشبوه النهضة. لا نرى يسارا ببرامج ومواقف مبدئية بل نسمع اصوات تفزيع من نهضة النكبة.  لم يكن المشروع صعبا فالنهضة تهدي الانجازات الى خصومها كعادتها.  الان تستبعد كل الاطراف الا ابناء فرنسا: يخدمهم الاعلام، يظهر مناقبهم، يري لقطات هزائم اعدائهم، يلمعهم من الماضي المعيب، يقل عثراتهم، يبعث فيهم االروح ويصنع لهم كيانا برموز سابقة. ينفخ في هذه الرموز لكي تهيئ الامر لمن سيأتي : الفارس الذي يحل بنا بنفس سيناريو 7 نوفمبر منقذا منحوتا متزنا كما يجب ان يكون رجل الدولة.  هيبة الدولة ورجل الدولة والواقعية واللهجة التونسية وخدمة الوطن واجهتهم، أما ما تحت ذلك فأسم من ليوم من ايام شهر من الاشهر والتبرير إنقاذ الوطن.
 
ستخيم سحابة سوداء يخالها العامة عارضا مستقبل أوديتنا وبراها الثقفوت فرصة للاستقرار، لكن أديم الارض يدرك اللعبة و يستعيد ذاكرة الارض. من هنا وفي يوم نحس كهذا مر السابع المشؤوم  وجنود زروق وعسكر فرنسا وبدو الحجاز.  تماما كما جاء عقبة رفعته الرايات وكذب التاريخ في استثنائنا.  لازلنا من يزرع ويحصد ويحارب و يقتل في كل المعارك ثم إذا أعياه الزمن يعرك الحجر فيذوب فيه الحجر ومن تراب الارض يصنع يدا كلما خسر قطعت يده في معاركه الازلية مع الغزاة.
 
نحن ابناء الارض يا امراء الغزو المتلفح بالفهلوة.  من دمنا حكمتم وغنمتم وعشتم وبنا تتاجرون وتحاربون ولا تستحون.  ها أنتم اليوم    تعيدون نفس اللعبة.  غير انكم نسيتم أن من بدأ الحرق عرف سر اللعبة وأرسى المعادلة الصعبة: برماد جسدي سأحرقك أيها الغريب.

Saturday, December 8, 2012

أما آن للعقائديين الواهمين أن يتعلموا؟

أما آن للعقائديين الواهمين أن يتعلموا؟
لستم في مستوى الثورة ولا تمثلون شعبها.
ما إن إجتمع القويمون والأسلاميون في المؤتمر القومي الأسلامي في أواخر القرن الماضي حتى خلنا الصراع غير المبرر بينهما على اللغة (الأمة الاسلامية  مقابل الأمة العربية) والرموز (تلميع وشيطنة رموز مثل عبد الناصر) قد ولّى وأن الوعي بالتاريخ قد بلغ مداه معلنا بذلك سقوط المؤامرة.  أما عندما إلتقت القوى السياسية المتنافرة إيديلوجيا و عقائديا والمتناحرة على الدوام، داخل أسوار الجامعة على الأقل، في هيئة 18 أكتوبرفقد أيقنا أن الوعي الحضاري قد بلغ ذروته وأنه بإمكاننا صياغة مشروع حضاري يضعنا في مصاف الدول المتحضرة بإمتياز.  غير أن النكوص الذي نراه اليوم يعيدنا إلى مربع الصراع الأيديلوجي الضيق ويلغي الأمل في نعيش في وطن واحد أحرارا متساوين من دون أن يمس ذلك من جوهر الأديان ولا عقائد اللادينيين.  إن المؤكد اليوم هو أنه وفوق غبار المعارك الكلامية والميدانية فإن جوهر الصراع ليس من يمتلك الأحقية والشرف والجدارة والشعبية والشرعية أو من يملك المبرر الديني أوالأجتماعي لقيادة البلد بل من يستطيع أن يقدم مشروعا وطنيا في مستوى تحدايت وأحلام الثورة (وليس أقل من ذلك) يلحقنا بمستوى عقلية ومؤسسات الشعوب المتقدمة وعيا ومعرفة وحضارة.  هذا ما عجز عنه ضيق اللأفاق لدى القوى الأيديولوجية ومجمل الأحزاب  السياسية وما لا تريده الطفيليات المتمعشة من التخلف والفساد الأداري.
إن الفرز بين أيقونة الثورة كمشهد تتكثف عنده آمال عظيمة في الحرية وكرامة العيش وبناء الدولة الوطنية  وما إسبتطنه السياسيون قبل الأنتخابات وتقيؤوه على شرف الشعب فيما تلى ذلك أمر مهم لكي نعلم أن الأصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك ليس فقط من الملهيات عن إستكمال برنامج الثورة، بل هو أيضا خيانة لمن أستشهدوا ولمن عبروا عن وطنيتهم دون حسابات أنانية.  وبالرغم من كون الثورة لم تفرز قيادات ولا ممثلين شرعيين، فإن كل من شارك وساند وشعر بأهمية الثورة ووعى بحركتها مطالب اليوم بتأكيد هذا الفرز وتدارك الموقف بإستعادة الملكية الحصرية للثورة والأولوية لمطالبها خارج أطر الأحزاب والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية ورموزها وأتباعها.
ليس لنا من حل للخروج من دائرة الهلاك التي وضعنا فيها التناحر العقائدي (إسلامي – يساري- قومي – علماني – بورقيبي – إلخ) إلا بالرجوع إلى الحالة الثورية وما أجمع عليه الشعب في حركة  تاريخية عفوية عبر شعارات يجب أن تبقى المرجع الأساسي لكل بناء سياسي وإقتصادي وإجتماعي للبلد.  بدل الوقت الضائع والخوض في صياغة الدستور بأذواق الأيديولوجيات وشهوات الأحزاب وهرطقات المتحذلقين من المتطفلين على المشهد السياسي كان علينا أن نبني بإحساس مرهف بتاريخ البلد وأصوله وجذوره  وموقعه الجغرافي وآفاقه المستقبلية. لن نعدم الوسيلة إذا ما إستثنينا الطروحات الأيديلوجية المستوردة (من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار) ولن نعجز عن تحديد هذه المنطلقات المهمة وربطها بإتقان بشعارات الثورة.  لن نموت جهالة أو نتيه في أقبية الشعبوية والعجز إذا نحن عدنا إلى مثقفي البلد المرابطين على الحياد والصامتين كمدا ممن لم يجتذبهم هوى السلطان بعد.  لن نفشل إن نحن عدنا إلى  الشعب البسيط الذي أنجز الثورة وأهداها إلى أحزاب إعتبرتها غنيمة من الله الحكيم العليم الذي لا يهدي بلدا، يذكر فيها إسمه وأهلا يعبدونه أبا عن جد، عبيدا بيد من يقررون مستقبله.  كما أن النضال الشعبي ليس كاسحة ألغام أمام الرفاق المثقفين تمهد لهم طريق السلطة لكي يتكلموا من كراسيهم المريحة بإسم العامل والفلاح وهو الأعلم  بوعيه الفطري بعقلية الأستئثار والغنيمة والأستغباء.
لا يصدر الإقصاء لأبناء الشعب إلا عن مستثقف متحذلق أضاع الوعي الطبيعي بمجاله الثقافي والأجتماعي والتاريخي.  المثقف الحقيقي هو من يستوعب الوعي الفطري ويربطه بأنساق الوعي المعرفي المتجذر في فهم التاريخ والفضاء.  لذلك فإن الأحزاب والتيارات السياسية في مجملها تتخبط في سياق لا تفهمه ومستعدة لأفناء العمر وإتلاف البلاد والعباد من أجل تطويع الواقع ليطابق مفاهيمها.  إن مجرد إظهار الصراع على أنه طبقي أو ديني أو مذهبي يدل على جهل بخصوصية المرحلة وتحديات الثوار.  لم يثر الشعب من أجل أن يبني دولة دينية ولا من أجل أن يخلص العقول من التدين.  لهذا الشعب دينه وثقافته و حضارته وتاريخه الذي يشترك فيه مع باقي أقطار الفضاء الحضاري العربي الأسلامي ويتجاور بموجبه مع فضائه الأقليمي الأوسع وهو لا يحتاج إلى أسلمة أو تغريب.  دعوه يحدد وجهته فالأكراه لا يغير مجرى التاريخ.  ولو كان يمكن أن يتغير مجرى التاريخ بالأكراه لما وجدتمونا نمارس شعائرنا التي تعلمونها ونتكلم اللغة التي تفهمونها اليوم ولا نفكر بالطريقة التي لم يكن الأستعمار ولا من جاء قبله او بعده يشاؤون لنا.  لا تكرروا خطأ الأستعمار والدول الوطنية التي جاء بعده ولا تعيدوا سيرة من جاءنا من الغرب ومن الشرق ليبيد روحنا. فما أخذوا سوى المغانم. بقيت الأرض لأهلها والروح لأصحابها ولم يغير التاريخ مجرى نهره ليجعلنا مثل بدو نجد ولا مثل فرنسيي باريس.  نتفاعل مع فضاءاتنا الجغرافية والحضارية المجاورة فنبني شخصية منفتحة لا تفقد روحها وأصلها.  سأستنبط من دراسات ومحاضرات الأستاذ الباحث محمد سعد الشيباني هذا الفهم لطبيعة البلد الحضارية من خلال إجتماع الجغرافيا والتاريخ.  إن الناظر إلى جغرافية المنطقة يفهم ثلاثة أمور مهمة: طريق الجادة الكبرى الذي يربطنا بالشرق، الصحراء التي هي ملاذنا عبر بوابة الجبل جنوبا والبحر الذي عبره تتم التجارة ومنه يأتي الطامعون ثم يغادرون.  إن الثراء الثقافي لشعب يستقبل موجات البشر والأفكار والصنائع هو أكبر مكسب يجب أن يغنينا عن الأيديلوجيات الجامدة وغير المتأصلة.  هذه المبادئ هي التي تبني الوعي الجمعي الفطري بالأمور وليست رؤى التطويع والأكراه.
أما الذين يحملون أمانة أسلمة البلد تطبيقا لشرع الله فهم واهمون يخلطون بين الدين و التاريخ في نسخته الرسمية.  إن التكاليف الشرعية في ديننا الحنيف ليست ملزمة للعقيدة ولا للسلوك.  لم يكلفنا الله عز وجل بجعل الناس مسلمين ولا مطبقين لشرعه بالأكراه.  والرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم لم يهاجر إلى المدينة ليجعلها دولة إسلامية.  بل أسس دولة مدنية متحضرة بموجب عقد يجمع المسلمين وغير المسلمين على عهد أمان. لم يؤذي أحدا منهم أبدا أو يحاسبه على تجاوزه للحدود.  الخيانة فقط هي ما دفعه إلى محاربة جماعة ممن يدينون باليهودية، وهو ما يعتبر خاينة وطنية بأعرافنا الحالية.  إن ما يسمى بتطبيق الشرع هو إنخراط طوعي في منظومة تشريعية إقتنع بها الناس تمام الأقتناع بعد أن وفرت لهم تشريعات تحميهم وتقطع الطريق أمام الحرمان والجور بكل أشكاله وليس قبل ذلك.  كانت تلك الضمانات كافية لكي تضمن عدم ظلم المسلم لنفسه أو لغيره.  كما أنها تبقى منظومة فيها درجة كافية وعالية من الحرية إذ أن الخروج منها ممكن بالخروج من الدين نفسه.  فلا يعاقب بحد الخمر من لا يؤمن بالله ورسوله.  إن الله الذي بعث نبيه بالحق لقادر على أن يمكنه من نشره بحد السيف ولم هنالك من مبرر لتعرض الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الأذى وأخذه باسباب الهجرة لحماية نفسه وأتباعه لو أن الدين بالأكراه.  لم تكن التشريعات التي تنزل بها القرآن سوى منظومة إقناع تشترط التوحيد وتجرم الموبقات وتحرم ما يسيئ إلى الأنسان وكرامته.  كما أن الأسلمة لم تكن مطروحة أبدا.  كان النهج هو دعوة من يجهل الدين بالأقناع توضيح أمور الدين لمن جهلها. 
أما حلم المجتمع المثالي المتدين بالإشباع الذي يرتدي الزي الإفغاني ويسدل الستار على كل جسد المرأة، حتى العينين أحيانا، فليست غير صورة ثقافية وتصور فردي علاوة على أن تصبح التدين الحصري أو منظومة ملزمة للمسلمين.  كما أن إستبطان أسلمة المجتمع والهيمنة على الدولة بإسمه بأوراق مخفية وسياسات تستبله وعي الناس ليست مطلبا في ديننا ولا هي من روحه.  بل هي في جوهرها إساءة إليه.  حتى على مستوى اللغة فإن الأسلامي والأسلمة هي صياغات مزيدة وإشتقاقات تفيد المبالغة في الشيئ والتعسف على الدين نفسه.  فبدل الحديث عن إقتصاد إسلامي ودولة إسلامية ومنهج إسلامي وغير ذلك من التصنيفات، كان الأجدر الرجوع إلى أصول البلد روحه التي لا يمكن أن تقبل أبدا، بحكم عمقها الحضاري، ما يخالف الله وشرعه.  ثم أن تجاوز الدين والخروج عنه فيما هو معلوم من الدين بالضرورة يجب ان يكون معيارا لتقييم السياسات والبرامج المقترحة من أي كان بدل إيجاد قوالب وتسميتها بالأسلامية وحصر الأسلام فيها.  إن الاسلام ليس خلافة ولاهو برنامج بعينه.  الخلافة خلقها سياق تاريخي خاص ولم تنزل في محكم التنزيل و لا يتوقف عليها الدين.  علينا أن نتخلص من الصور المغلوطة للتاريخ.  على الأقل إن لم تكن لدينا الجرأة على إعادة كتابة تاريخنا فلا مبرر لمواصلة تصديق النسخ الواهية منه.  الأمرّ من ذلك هو أننا لانقرأ تاريخنا لنعلم أن ما تسوقه بعض الكتب المدرسية والأفلام مسموم. 
إن التحرر الذي طرحت الثورة رهانه يبدأ بالعقول وينتهي حتما بإعادة صياغة الرؤى والطروحات، "فمن لم يرم صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر" ويجرفه السيل فيندثر.    أو لغيرهو
      

Monday, December 3, 2012

رسالة مفتوحة إلى كرسي السيد رئيس الجمهورية-

ملاحظة بعد النشر: أسف لقد تراجعت عن كثير مما ضمنته هذه الرسالة وابعث بالرسالة الى كرسي الرئاسة ومن من المفروض به ان يكون في مقام رئيس لتونس بعد ثورتها المجيدة



رسالة مفتوحة إلى مقام وكرسي السيد رئيس الجمهورية

كرسي سيدي الرئيس تحية طيبة 
السلام عليكم
لم يكن تفاعل الشعب معكم منذ إنتخابكم من قبل المجلس التأسيسي من قبيل النفاق ولا مدعاة إلى الأستغراب بحكم ماضيكم النضالي المشرف ومواقفكم المعروفة في نصرة الحريات العامة وتفعيل الديمقراطية. لقد إستبشر الشعب خيرا بمقدمكم على رأس مؤسسة الرآسة بعد الأنتخابات وعلق كثيرا من الأماني على ذلك، رغم إختياركم التصويت على التخلي عن كثير من الصلاحيات التي كانت ستنقذنا من كثير من المنزلقات التي حدثت فيما بعد. لكن، ورغم جهلنا بطبيعة التوازنات داخل منظومة الترويكا حينها، إعتقدنا أن النفس الثوري الذي حملتموه منذ عقود سيقربكم إلى صف الشعب ويجعلكم صمام الأمان في سبيل تحقيق مطالب الشعب وتقعيل شعارات الثورة التي أكدت من جديد سموها على مطالب الأحزاب والنخب السياسية.
اليوم، ولئن أضحت الرؤية أكثر تعقيدا فإن ما وضح من خلال غبار المعارك الحزبية والتحركاتالشعبية يبقى عدم قدرة الأحزاب على إستيعاب مطالب الثورة ولا حتى الموقف الشعبي. إن اللهاث المستمر لمجمل الكيانات السياسية وراء الكسب الحزبي الضيق أصبح في تنافر شديد مع القدرة على تحقيق أهداف الثورة التي يجب أن تمثل دوما مرجعنا الرئيسي لتقييم كل برنامج سياسي أو عمل في الشأن العام. بقدر تناسق برامج وسياسات الأحزاب مع الشعارات الرئيسية للثورة بقدر ما يمكننا ان نثق في قدرتها على تمثيلنا والأئتمان على الثورة. إن الحكم المبطن على الثورة على أنها مجرد تحركات شعبية لا تمتلك وضوح الرؤية أو البرنامج الأجتماعي والقراءة الصادقة للتاريخ الجمعي في سياقه الحضاري والتاريخي هو مكمن الخطأ الذي يبدو أن النخب السياسية تمثلته. مما قد يتجاهله الكثيرون هو أن الوعي الفطري الذي أنتج شعار "شغل، حرية، كرامة وطنية" والرد القوي على الحقرة والتجاهل لمتساكني الداخل بثقله التاريخي والحضاري لم يكن فقط تعبيرا عن مطلب إجتماعي بل أيضا وضعا لمنهاج سياسي في التعاطي مع هذه المناطق. 
أبناء هذه المناطق يا سيادة الرئيس ليست مجرد محروم إنتفض غضبا وثار في حركة مشابهة لثورة الزنج في سياقنا العربي الأسلامي. إن هذا المجال الجغرافي والحضاري هو مخزون حضاري لهذا االشعب توارث الجينات الأصيلة للثوابت والمتغيرات. إنكم لترون اليوم كيف أن المكونات الشعبية تفهم بأدوات الوعي الفطري خور السياسة وأخطاء السياسيين بدون الحاجة إلى محللين أو وثائق أو أدوات أو حتى محرضين. لم يفلح الطرفان سواء المحرضون على الفتنة أو اصحاب القرار في إقناع القوى الإجتماعية بالأنخراط في مسارها. 
لذلك فالأصغاء إلى الناس على بساطتهم هو مطلب أساسي اليوم وأكثر من أي وقت مضى. إلا أن هذا المطلب ليس ممكنا في ظل تمسك الأحزاب بخدمة مصالحها ويبقى الأمل في سيادتكم لتنحازوا إلى مطالب الشعب والثورة و تنقذوا البلد من شرور التجاذب السياسي ومخططات الأحزاب. 
لا أطالبكم بالأنقلاب على الشرعية الأنتخابية بقدر ما أدعوم إلى الاصطفاف إلى جانب الشرعية الشعبية وتمثيل قوى الشعب من غير خلفية إيديلوجية أو إنتماء سياسي. يستدعي الأمر على الأقل تنبيه الغافلين ووضع حد للتلاعب بمصير الشعب من كلا الطرفين بدون تهديد أي كيان سياسي. ولا يكون ذلك في نظري بدون تشجيع الشعب على حمل المشعل واستكمال مشوار الثورة الذي ينتظرنا الكثير لتحقيقه.
مقام سيادة الرئيس إن الثورة التي تجاسرت على دكتاتورية من أعتى الدكتاتوريات الحديثة وطرحت تحديات كان الخوض فيها من قبيلك أحلام اليقظة لجديرة بأن تأخذ مداها كاملا وأن تصبح مرجعا للقوى الثورية في العالم بأسره. ومن الصغارة والمهزلة أن ندع الفرصة تفوتنا لنعيد للتاريخ مجده و نبني تونس التي تستحق بكل إصرار و عزيمة كما فعل الأجيال السابقة والأجداد الذين صنعوا المجد في كل مراحل التاريخ رغم الأطماع الأجنبية. آن لنا يا سيدي الرئيس أن نستحضر همة القادة الأمازيغ العظام وعزيمة الفينيقيين ومبادئ ديننا الحنيف ومرجعية حضارتنا العربية الأسلامية لكي نعلم أننا لم نخلق لنحني الظهر لأمنية عابرة أو نرضى بقشور لا توصنا إلى منصة الأمم التي دفعتها همتها إلى العلى. 
لقد أقدم الثوار بهدم صور السجن الذي وضعنا فيه نظام المهانة سنين طويلة، فهل نعجز عن إقتحام قلعة النصر بالتعالي عن صغائر المطالب وعقلية الأقليات والأحزاب؟ هل تبقى النخب المثقفة من أمثالكم سجينة المشاريع الحزبية والجمعياتية التي لا ترى من ثقب الباب إلا فضاءها؟ 
أملنا كبيرفي إنضمامكم إلى القوى الشعبية غير المتحزبة أو المتربصة بغنائم الشعب .
ودمتم مقام سيادة الرئيس في حفظ الله