مجاوزة اللزوم

Wednesday, November 26, 2014

النمط التدافعي في مقابل النموذج التفاعلي في الطرح الفكري العربي

ترتبط مجمل الطروحات الفكرية بانماط سلوكية واساليب تفكير تسم اصحابها كما تعبر عن مستوى النضج الفكري لمجتمع ما في مرحلة فكرية معينة.  فقد نضرب مثلا على الترابط بين ما يطرح فكريا على مستوى نخبة المثقفين وعلاقته بانماط السلوك السائدة ما كنا نراه من تبني مثقفي مرحلة تاريخية ما لما هو مقبول شعبيا في ذلك السياق وتلك المرحلة التاريخية. ولعل ذلك في ارتباط بتأثر النخب بما يعتمل إجتماعيا وثقافيا من أفكار ومواقف وما يستوعبه العقل البشري في تلك المرحلة من تاريخ البشرية، وهو ما يؤدي الى صياغة أنماط فكرية معينة متجانسة ومتناسقة إلى حد يصعب معه تخيل الخروج من سياق النمطية هذا.  لكن خلاصة التجارب الإنسانية وما صاغته من نماذج متقدمة يفرضان التخلص من النمطية لأنها لا تساعد على القطيعة المطلوبة لتحقيق التطور النوعي في قيمة البدائل المطروحة.  فلا يمكن أن نخرج من بوتقة صنع الفشل بدون حصول تغيير نوعي ومباشر في طريقة التفكير ونموذج الطرح الفكري في مجتمعاتنا العربية.  كما أن مراكمة الصياغات التي تعتمد نفس النمط الفكري رغم إختلاف، بل في أحيان كثيرة تناقض،  مشاربها وأهدافها لا تحدث تغييرا في مستوى الطرح ولا في نوعية الإنجاز، وهو ما يجعلها دون مستوى المشروع الحضاري ولا حتى الطرح الفكري الجاد.  من جهة أخرى يعتبر التنميط الفكري والتحنط في الخلفية الأنطولوجية للمثقفين خروجا عن السياق التاريخي للتطور الأنساني، فأن يطرح الفكر البشري اليوم وبجدية وعمق أهمية التفكير والبناء التفاعليين كبدائل للتربية والسلوك وكسياقات عامة لطرح مجمل الأفكار والمشاريع المتفاعلة داخل سياق إجتماعي وسياسي معين. 
لا غرابة أن ينطلق الحديث في بداية القرن عن النماذج التفاعلية من الوسط التعليمي كبديل عن أنماط التعليم والسلوك التربوي التقليدي وكحلقة متقدمة من حلقات بناء التفكير النقدي، إذ أن النقد شكل راق من التفاعل الأيجابي مع المعطى الموضوعي ومع المحيط الأجتماعي والمعرفي، فإكساب الطفل ملكة التفكير النقدي هو بناء للتفاعل المعرفي وبداية لتشكل التفاعل الأجتماعي و الفكري فيما بعد.  فالمعرفة في نهاية المطاف هي بناء تفاعلي بين أطراف متشاركة ومتفقة على نموذج التأسيس والبناء، وليست بناءا أحاديا يقوم به المعلم في ذهن المتعلم بقصد شحن عقل هذا الأخير بالمعلومات.  نظرا لكثرة المصادر والمؤلفين في هذا السياق سأكتفي بذكر البعض منهم: Chittenden(2002)، Brown (2007)، Bardovi-Harlig (2013) و  Diane  Larsen-Freeman (1986، 1991، 2013)، المصنف الأخير يفسر دور غياب النماذج التفاعلية في إستيعاب المعرفة لدى المتعلمين. م من جهة أخرى، بشرت بحوث تربوية عديدة بظهور بدائل فكرية وطروحات ثقافية بديلة وحققت السبق في مجال تطور طريقة نظرتنا إلى الأشياء من حولنا.  فما طرحته Karen Ann Watson-Gegeo ( 2004) من تحول مفهومي، أو بشكل أدق كقطيعة معرفية، تنطلق من إعتبار المعرفة بناءا إجتماعيا يتأثر بالمسارات الثقافية والإجتماعية السياسية، وهو ما يؤسس لأجتماعية المعرفة في نهاية المطاف.  وتستدل كارن على بداية حدوث هذا الأنقلاب المعرفي بأن الدائرة أصبحت تساهم في صياغة المعرفة تفاعليا، بخلاف ما يعتقده اصحاب نظرية العالمية من تأثير المركز، أنطولوجيا أو إبستملووجيا.   من ذلك أن اللغة والثقافة والعقل تحدد شكل بعضها البعض عبر وسيلة الخطاب ومن خلال الوظيفة التفاعلية. 
إن كانت مباحث علوم التربية المتعلقة بإكتساب اللغة الأجنبية قد توصلت إلى أهمية المناهج التفاعلية الإجتماعية وضرورة ترسيخها، لا كممارسة بيداغوجية فحسب، بل كقيم إجتماعية تؤسس لمجتمعات إنسانية متفاعلة مسالمة وناجحة، فإن العمل بمقتضيات هذه الكتطلبات يعد اليوم عنصرا مهما في تحديد مستوى الأنسنة والديمقراطية والتطور والتحضر في المجتمعات البشرية.  ذلك أن إعتماد المنهج التفاعلي في تعامل مجمل المكونات الأجتماعية مع بعضها البعض لا يكون مجديا ما لم تتخلى المرجعيات والطروحات الفكرية عن أنماط التفكير التدافعي والصدامي الذي ينتهي بالإقصاء والعنف وفرض الأراء بالقوة.  إن كان أمر تخلف الأنماط التدافعية التقليدية تربويا أمرا واضحا من الناحية التربوية كما اسلفت الذكر، فإن ما ينجر عنه من بناء هش ومتنافر لمجتمعات بشرية تمتلك مقومات تجانس أكبر من أسباب التنافر التي يمكن إيجادها بداخلها هو عنصر هدم حضاري وشلل ثقافي وإنحراف سياسي. 
إذا ما طبقنا هذا التقسيم على مجمل المجتمعات العربية اليوم نجد أن تأثير التربية التقليدية وأنماط التعليم المقولب سواءا داخل الأسرة أو في المؤسسات التعليمية العمومية يظهر الخلل الواضح في منظومات التفاعل فيما بين النخب السياسية والثقافية.  لا ينبغي أن تكون الأجواء المتوترة والصراعات العنيفة وحدها المعيار المحدد لأوجه هذا الخلل، لكن غزارة المادة الفكرية المتموقعة سياسيا ودرجة التطرف في الطروحات، بالأضافة إلى دغمائية الطروحات وإستنادها إلى عقليات الأقليات العرقية واللغوية والمذاهب الفقهية هو شكل من أشكال غياب التفاعل، إذ أن الأعاقة التفاعلية بين الأقليات ومختلف التشكيلات الإجتماعية مثلا ينتج عن غياب للتفاعل الفكري والأجتماعي.  كما أن حضور الخطاب المذهبي الوثوقي والتكفيري ايضا هو ترسيخ لثقافة التدافع والتصادم ولأنماط التفكير التقليدي الذي لا يرقى إلى مستوى البناء الإجتماعي والحضاري.  من جهة أخرى، يعتبر الأنحسار المجتمعي في داخل الدول القطرية نفسها وداخل مقاطعاتها وأقاليمها الجغرافية ومكوناتها الفئوية، والذي غالبا ما يظهر كواجهة سياسية لمشاكل ذات طابع تربوي إجتماعي أو إقتصادي معيشي بالأساس، هو تعبير عن إعاقة تفاعلية موروثة لا علاقة عضوية بينها وبين المواضيع التي قد تكرح في سياقها. 
فمسألة الأقليات التي تبدو للبعض قضايا ومشاريع حضارية أو محض مؤامرات خارجية هي في الأصل تعبيرات عن رواسب فشل تربوي في مستوى بناء الفرد وغياب لثقافة التفاعل الأجتماعي.  بذلك تصبح درجة التماسك الحضاري معبرة عن ثقافة التفاعل والتعايش في أي محيط ثقافي وحضاري.  مقابل ذلك، يظهر الأنفلات في الوحدة الوطنية وغياب المشاركة الفردية و حضور الطروحات الإنشطارية وتقزيم كيانات الأنا في غياب الأخر مدى تغلغل أنماط ثقافة التدافع بين مكونات المجتمع والأمة ودخولها في مرحلة الصراعات العنيفة والتشتت المجتمعي.  إن المنظرين إلى هذا النوع من الفوضى لا ينظرون بجدية إلى أن العوامل الموضوعية المتمثلة في التفكير النمطي التدافعي والتي أدت إلى خروج مكون مجتمعي أو ثقافي ما عن إطاره الأوسع هي نفسها التي ستؤدي إلى خروج مكونات أخرى من داخل هذا المكون المنفصل وإلى سريان عدوى الأنشطار وما ينتج عنه من مآسي إجتماعية ومزيد من التخلف الحضاري.
  قد يكون التفكير التقليدي في نظام الولاءات، من قبيل الولاء للقبيلة مثلا، سببا في نزوع النمطية الى تحديد درجة التنافر وعدم التواصل بين الأنا والآخر، لكن الأشكال والتمظهرات التي نرى من خلالها خطابات وطروحات الأقصاء لا تمثل أبعادا قبلية محضة، فالخطاب التكفيري يخلق ولاءات عقدية مبنية على نظرة أحادية مقدسة ودغمائية ذات اسس فقهية بالاساس.  نفس الأمر ينطبق على الدعاوي والشطحات العرقية التي تريد أن تخرج من سياق الحضارة العربية الأسلامية بإبتداع هويات ولغات محصورة في الجغرافيا والديمغرافيا.  ربما يكون النمط التدافعي استدعاءا جديدا للولاءات القبلية في غياب عناصر التفاعل الأيجابي، لكنه لا يطرح كمشروعا جديا بإعتبار أن حركة الصدام والعنف والحرابة والأنشقاق والتدافع بين المجموعات البشرية هو قوى هدم لا يمكن لدعاتها أن يتكهنوا بمداها ولا بتأثيراتها، ولنا في نموذج البلقان والصراعات القبلية في إفريقيا نهاية القرن الماضي خير أمثلة لما أدت إليه مشاريع الموهم المجهول.  أما في دولة مثل السودان فإن غايب ثقافة التفاعل فتح المجال أمام تفتيتات عرقية موهومة ومشاكل إقتصادية متراكمة تهدد كل الكيانات التي إنشقت والتي تنشد الأنشقاق تحقيقا لما توهمه من تقرير لمصير مجهول.
  فبعيدا عن تفسيرات المؤامرة، التي لا يمكن إستثناؤها كعنصر فاعل، يجب أن نضع حدا فارقا بين الدعاوي التي تعتمد التدافع والصراع من جهة، ومشاريع التفاعل الأجتماعي والثقافي.  فالأولى تنشد التصادم والتفتت والاقصاء وتنشر ثقافة إلغاء وتحقير الأخر ورفضه ضمنيا أو بشكل صريح.  في المقابل، تعتبر المشاريع التفاعلية الأخر جزءا من الكيان العام ومن شخصية المكون الفردي.  أما من يعتبرون أن التدافع سنة كونية أو حقا مشروعا للثأر من خيبات موهومة أو دفاعا عن مقومات تفرد وخصوصية فإنهم يتناسون أن الدفع والدفاع هما في مقابل إعتداء وعدوان وليسا مقومين من مقومات السنة الكونية أو الحقوق الإنسانية.  ذلك أنه في غياب الأعتداء والتهديد ينتفي الحق الأنساني في طرح التصادم ورد الأعتداء.  فالأية الكريمة التي تشير الى دفع الله الناس بعضهم ببعض ليست إلا مكملا لمعاني واردة في سياقات الأعتداء، أي الحد المبرر للعنف والتصادم.  والامر نفسه ينطبق على صنوها في الدعاوي الحقوقية التي تنشأ عنها حركات الأقليات وطروحات الأنفصال والتدافع داخل مكونات الأمة الواحدة.  إذا، بدل طرح وترسيخ ثقافة التفاعل الأيجابي والنظر إلى الأمور بموضوعية في إطار مشاريع ثقافية وحضارية حقيقية، تعمل ثقافة الموروث التصادمي التدافعي على تبرير وزرع أفكار العنف والأقصاء والتهميش التي لا ترقى إلى مستوى كلمة مشاريع.

Sunday, November 9, 2014

حرب المجالات الاقليمية ودوائر النفوذ وغزوات الموارد الباطنية


حرب المجالات الاقليمية ودوائر النفوذ وغزوات الموارد الباطنية

ماذا تعني الثورات العربية للمشروع الصهيوامريكي؟

 

يلاحظ الناظر إلى مجمل الاحداث والمآلات التي تودت عنها الثورات العربية منذ سنة 2011 أن حكات التغيير طال بشكل خاص المجالات الهامشية في هذه الدول فضلا عن فشلها في إحداث تغيير في مختلف أوجه الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي، بخلاف ما يروج له من مهرجانات فلكلورية في الانتخابات والتداول على السلطة بكل غير عنيف في غالب الاحيان.  لقد فشلت الثورات في تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي يشرك مختلف اطياف الشعب في العملية السياسية بدون تاثيرات خارجية مباشرة واختراقات قصد منها افشال العملية برمتها أو تحويل مجالها إلى التلهي بقضايا هامشية.  فنتج عن كل ذلك غياب لبرامج تنموية حقيقية واشراك فاعل لمختلف الفعاليات والمجتمعية والمدنية، إضافة إلى تردي تام في مستوى المعيشة والامن وغياب لروح الامل والانفراج لدى قطاعات كبيرة من الشعب بما فيها قطاع الشباب. 

في مقابل هذا الوضع المخالف للمألوف لدى الشعوب التي قامت فيها ثورات اطاحت بأنظمة فاسدة ظهرت تدخلات أجنبية وبرامج نبست بها المؤسسات الاعلامية ووشت بها وقاءع الحال كشفا وتعرية وإظهارا للنوايا.  يتضح للملاحظ البسيط أن الازمة الخانقة التي خلفتها المشاكل الاقتصادية لسنة 2008 في العالم الغربي نتجت عن تصدع في المنظومة البنكية بسبب شفط احادي الجانب في السيولة المصرفية لأدى الى مشاكل هيكلية اصابت المؤسسات الاقتصادية وازمة ثقة لدى المواطن والمستثمر على حد السواء.  في سياق هذه الازمات تزداد افق التوسع والنمو لاقتصاديات دول اسيوية مهمة مثل الصين وروسيا.  ففي حين يتحرك الاهتمام الاستثماري في هاتين الدولتين الى القارة الافريقية بحثا عن موارد باذنية مهمة لازال الحديث عنها قليلا واستثمارها محدودا للدول التي هي عادة من خارج النفوذ التقليدي في المنطقة.  فمناجم الذهب واليورانيوم وحقول البترول لم تفتح امام المستثمرين الروس. كما أن الاستغلال الصيني لحقول السودان كان قد كلفها حربا فقدت فيها الجزء الجنوبي من الوطن عقابا لها على إقصاء امركيا من الغنيمة.  ومهما قدم السودان من تنازلات وتعبيرات عن حسن النية فإن الغضب الغربي لن يهدأ، وفي قصة القذافي مع الغرب عبرة لمن يعتبر.

وفرت الحرب على سوريا، من جهة أخرى، فرصة لخنق المقاومة في لبنان وفلسطين ليس فقط حماية لاسرائيل وإلهاءا لاعدائها التقليديين والشرسين، بل كذلك إنشاءا لمنظومة جديدة من المجالات الأقليمية ودوائرالنفوذ لتخفيف الضغطين الامني والاجتماعي على المنطومة داخل هذا الكيان المنهك بشكل شبه معلن بعد هزيمة حرب 2006 وفشل عدوان 2008 في ارضاخ ما بقي من حركات المقاومة.  لقد تحولت الدول العربية المعادية لمشروع السلام وتلك الممثلة لقوى أقليمية هامة سياسيا وعسكريا إلى بؤر توتر تطرح فيها قضايا الاديان والمذاهب وتظهر فيها تنظيمات بل وتحكمها أحزاب دينية تطرح أفكار الحاكمية ولباس المرأة وتطبيق ما تسميه بالشريعة قبل المشاغل الامنية والاقليمية والتنموية ثم تنخرط في مشروع اقليمي تتزعمه قطر الراعية لقاعدتين امريكيتين ساهمتا في العدوان على دول منها العراق ثم تركيا التي تحوي قاعدة حلف شمال الاطلسي التي منها قصفت ليبيا وغيرها.  من المفارقات ايضا ان طروحات الحركات الاسلامية المستفيدة سياسيا من الثورات تحولت الى مصالح تنظيمية بحتة بعد ان كانت تنظَر للوحدة الاسلامية وتنشد قيامها بين كل الاقطار متجاوزة حتى الاحلام القومية في الوحدة.

   في دول مثل تونس اصبحت قوانين حضر احداث الاحزاب على اسس عرقية او دينية يسمح باحزاب وحركات تدعو جهارا الى توجهات دينية دون اخرى معادية للمنظومة الديمقراطية والوحدة الترابية للدولة.  لقد نشأ حزب التحرير رافضا للدولة وللديمقراطية وظهر حزب امازيغي يدعو الى حقوق اقليات عرقية في باب السياسة والى اعادة امجاد البربر وطرد العرب في اطر ثقافية قريبة منه.  ثم اصبح المشهد السياسي بعد الانتخابات يدعو الى التفرقة بين الشمال والجنوب بحكم النتائج الانتخابية.  وظهرت خرائط جديدة يقع تمريرها عبر الاشاعات المدروسة لدولة امازيغية توحد جنوب تونس وليبيا والجزائر في مناطق استغلال حقول نفطية وتوحد ديمغرافي وثقافي مزعومين.  ثم وشت زيارة برنار ليفي الصهيوني الفرنسي لزعماء ليبيين وناشطين امازيغيين واخرين لم يكشف عنهم الاعلام بعمل ما تستغل فيه حماسة الاقلية البربرية الى تكوين دولة على غرار الاكراد وجنوب السودان بمساهمة ليبيين تمتد الى الجزائر لضربها والحاقها  بركب دول الفوضى. ببساطة إن كان في هذه الزيارات والمشاريع طروحات شريفة وبنَاءة لما كانت وقعت في الخفاء وبعيدا عن الاعلام.  يدور كل هذا الركض في إطار خلق مراكز نفوذ لحركات اسلامية تكفيرية عنيفة في مناطق جغرافية صعبة لكنها استراتيجية تقع بين تونس والجزائر.  لقد كانت تلك المنطقة الجبلية ذات اهمة خاصة عند الرومان ومنها دخل الفرنسيون المستعمرون الى تونس.  لذلك فان اختيارها لهذه المنطقة ليس الا لدور اقليمي خطير يتجاوز ضرورات التخفي التي تحتاجها هذه الحركات عادة.

وفي حال غرق الجزائر لا قدر الله فإن المجال الاقليمي لاسرائيل ونفوذها غير المباشر سيكونان قد فاقا مؤهلاتها الجغرافية والسكانية بل و حتى العسكرية.  وهذا هو مربط الفرس في كل ما يحدث. فلقل اصبح جليا أن النتائج والنجاحات التي يحققها الضرب المباشر لدول عربية ذات وزن سياسي واستراتيجي مثل مصر وسوريا والجزائر مع تحييد شبه تام لادوارها القومية والاقليمية يضاف اليه انهاك متواصل لقواها بقضايا كلها تتعلق بالماضي  هو توسع في المجال الاقليمي لاسرائيل.

ثم ان تقسيم هذه الدول من أجل ان يشعر ادعياء الاقليات بانهم ثأروا من الماضي ويتمكن اتباع بعض المذاهب الدينية من فرض طريقتهم في الحياة والتدين يعد إنجازا تاريخيا تعجز عنه عساكر اقوى المبراطوريات.  هذا الموقف لا يجب ان يعد مصادرة لحقوق الاقليات والجماعات العرقية والدينية في ممارسة حقوقها في تدريس لغاتها وثقافتها والتعبير ثقافيا واجتماعيا عن تواجدها كمكون وطني في كل الاقطاردون الاقصاء والتهميش والتحقير الذي قد يشعر به بعضهم. لكن الخيط الفاصل بين هذه الحقوق والاستغلال السياسي لها يتمثل أساسا في تبني مواقف العداء وممارسة الاقصاء ضد الاخرين في خطابات التهييج الشعبوية التي يراد بها لفت النظر ورفع مستوى الطرح من موضوع شان عام ذي عدالة واحقية الى انشاء قضية لها مريدون وانصار.  ففي جنوب السودان كان الخطاب الشعبوي السائد يتحدث عن شماليين وافدين على المجال الافريقي واخرين ابناء بلد في الجنوب.  فلم تشفع البشرة السوداء للشماليين لكي يفقدوا وطنيتهم.  بمثل هذه التسطيحات للقضايا يكسب طارحو هذه المواضيع شرعية القضية ولكي يجعلوا الوهم واقعا فإنهم يتمسكون بالقشة. لكن بذلالقشة يتدلى اليهم حبل المحرك الدولي والاقليمي لاصحاب قضايا التلهي المكلف بجمع حطب لنار الفتنة ويجعل منهم وقود حرب يتقاتل فيها ابناء الوطن الواحد فقط لينتصر احدهم على الاخر.  الا يرون ان امريكا لا تسمح بتغول التكفيريين لاسقاط نظام الاسد ولا للاسد بسحقهم؟ اليست هذه عبرة لكل تكفيريي العالم؟

دى الى

 

Friday, September 5, 2014

اشكالية الخطاب وازمة العقل البوست ثوري في تونس

اشكالية الخطاب وازمة العقل البوست ثوري في تونس
العنوان يستعمل استعارة من الباحث اداورد سعيد عن البوست كلونياليزم
يلعب مجال تحليل الخطاب في الامم الغربية ومؤسساتها دورا محوريا في دراسة الظواهر الاجتماعية والسياسية والنفسية ايضا وصولا الى تفكيك الادوات اللغوية ورصد تفاعلها اجتماعيا لدراسة تاثيراتها وديناميكية تفاعلها داخل القوى الاجتماعية.  بقطع النظر عن المذاهب والمقاربات المعتمدة، يصل الباحثون الى تفصيل الظواهر الاجتماعية والسياسية والامنية وغيرها انطلاقا من منطوق لغوي يحتل مكانة خاصة او يمثل ظاهرة فريدة بذاتها. 
إلا أننا وفي سياق تحليلينا لمجمل الظواهر الاجتماعية في المجتمعات العربية قلما ننظر الى المعطى اللغوي بشكل علمي ممنهج.  اللغة عندنا مجموعة من المعاني تقرأ في سياق ما قيل ولاي هدف ومن اي منطلق لتقييم المحتوى وربطه بمجمل المفاهيم التي تعاطى معها في حياتنا اليومية.  كما أن القارئ لمجال تحليل الخطاب قد يفهمه على انه دراسة علمية لخطاب مكتوب صادر عن شخص مهم او معبر عن مضامين مهمة سياسيا او علميا.  على العكس تماما، يعتبر تحليل الخطاب اداة فاعلة في دراسة الظواهر وليست معولا يسلط على الكلمات المهمة التي بلقيها المسؤولون بغية استخراج مجموعة من المعاني ودراسة حالة ما سياسيا او امنيا.  وبذلك فإن تحليل الخطاب كما يعرفه رافيل سالكي   Raphael Salkieليس تقييما له او ارسال احكام عن النص، بقدر ماهو دراسة للبنية اللغوية للخطاب وصولا الى تحديد الاليات المكونة  للمعنى المراد تبليغه.  كما أن تحليل الخطاب يصل الى مستويات دراسة دور اللغة في صياغة التفكير لدى الافراد ويجيب على اسئلة معرفية ظلت لسنوات من اختصاص علوم أخرى مثل الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس، فبحسب بربارا جونستون Barbara Johnstone، يجب على من يريد فهم الانسان ا يفهم تحليل الخطاب.   بهذا المعنى فنحن اليوم بحاجة الى علم تحليل الحطاب لفهم الكائن البشري في المكون الاجتماعي. 
إن فهم الانسان في هذه المرحلة التاريخية من الاشياء المهمة التي يجب ان ننتبه اليها لكي يكتمل تصورنا عن الفرد وعن الازمات الاجتماعية التي عادة ما نفصلها  على أنها ازمات عنف وغلاء معيشة وغيرها من التمظهرات التي تعبر نشرات الاخبار وعناوين الجرائد اليومية.  إن الأزمات الاجتماعية اعمق من التمظهرات التي نعاني منها وهي بحاجة الى دراسة وتفصيل بغاية تحديد مواطن الخلل التي تكمن وراء العلة التي نراها لمجمل مشاكلنا اليومية.  إن ظاهرة العنف، مثلا، هي تعبير ع مشاكل نفسية وعائلية واجتماعية اشمل لكنها كظاهرة خطاب تعني وجود خلل هيكلي في مجمل التصورات التي يحملها الناس عن الاشياء من حولهم.  إذا ببحثنا في العنف فإننا نصل الى بنى لغوية ومفهومية مغلوطة تساهم في صنع العنف كظاهرة بشكل اقوى مما يسببه الفقر والحرمان وغياب التواصل العائلي.  فان تكون فقيرا مثلا ومن وسط مقصى إجتمعيا لا يحتم ان تكون عيفا.  لكن البناء المفهومي الذي من خلاله تحدد معاني الاشياء والعلاقات من حولك هو الذي يؤثر في علاقات الاشياء بعضها ببعض وردود افعالك عليها.  تعلل جونستون ذلك بان وجود المفردات قد يكون مسؤولا عما نتظره مما يمكن ان تعبر عنه كمفاهيم مشتركة.
  في نفس السياق يعتبر الالسني الفرنسي بينفينيست ان عدم وجود الضمير "أنا" بخلاف ضمائر اخرى مثل "هو" و "هي" و "هم" هو سبب في كون اللغات تشترك في خاصية اعتبار الناس منفصلين عن بقية الموجودات.  كما تضيف ايضا ان عدم توفر منظومة أزمنة صرفية معقدة في اللغة الأنجليزية يمكن ان يفسر الاهتمام الملحوظ للانجليز بالوقت (الساعة).  تدور مجمل هذه الافكار في سياق ما رسمته فرضية سابير و وورف منذ النصف الاول من القرن الماضي من أن الهيكلة اللغوية المتمثلة ف البنى النحوية والصرفية تؤسس الهيكلة العقدية وحقيقة الاسياء في الواقع.  ففي الواقع، ويقطع النظر عن درجة الحتمية والوثوقية العالية لمثل هذا الكلام، يبقى البناء الداخلي للجمل وجعل الافعال في واجهة الكلام في اللغة العربية، في اغلب التركيبات، امرا ذا دلالة في تركيب عقولنا ومناهج تفكيرنا.
إذا تلعب القواعد والمفاهيم اللغوية دورا هاما في صياغة فهم معين للاشياء من حولنا، وفي وجه اخر من اوجه حركة الجدلية بين اللغة والفكر المؤسس للكيان البشري، ينطبع الفعل اللغوي سلوكا نسعى الى تحقيقه واقعا. فكثير من المفاهيم التي نكتسبها للاشياء والعلاقات التي نقيمها للامور من حولنا هي مشاريع لواقع نبغي تاسيسه. من هنا يتأكد لنا أن جزءا من مأساتنا تنبع من كوننا نريد المفاهيم العقلية واقعا، وهو ما يعني اننا في درجة من درجات اللاوعي واهمون ان اللغة، كبناء مفاهيم وعلاقات، هي سابقة للوعي.  يضرب وورف مثالا على ذلك بالقول ان حكمك على برميل نفط وقع افراغه بانه فارغ يعني انك اسقطت فهما في غاية الخطورة في صورة ما اذا اقتع احدهم بالقول واشعل سيجارة بجانبه.  إذا ايجاد واقع من منطوق لغوي امر لا يقل خطورة عن التمويه والخداع.  يعتقد شرزر (Sherzer, 1987)  ان الخطاب يخلق ويعيد خلق الثقافة واللغة ثم يقوم بتحويرهما، وبذلك فان الخطاب يخلق مفاهيم ثقافية واديولوجية جديدة.  وهذا هو السياق الذي ظهرت فيه دراسات التحليل النقدي للخطاب فيما بعد على يد فيركلاف ووداك (Fairclough & Wodak, 1997)  وهو ما عبر عه ميشيل فوكو (Foucault, 1972) فيما قبل من قبيل القول بأن اساليب الخطاب تؤسس اساليب التفكير لخلق ايديولوجيا جديدة ونشرها.  فيعمل خطاب العلماء الذي يستعمل الافعال المبنية الى المجهول على ترسيخ فكرة ان التجربة العلمية والحقيقة العلمية متجاوزتان لمن يقوم بهما وهما بذلك لا ترتبان بفاعل معين، ما يفعله هذا الاختيار اللغوي هو ترسيخ موضوعية المحتوى وقدسيته المعرفية. 
اذا ما طبقنا مجمل الافكار المطروحة في سياق سعي الخطاب الى ترسيخ واقع جديد عبر بنى لغوية عفوية في خطاب العامة في المنتديات وصفحات الشبكات الاجتماعية نرى أن اللغة تتسم بالوثوقية العالية (إن، كل، لاشك،)  والاستعمال المكثف لادوات الثبوتية (من المسلمات، ينبغي، من المحال ..) وادوات التقسيم بين خندقين متنافرين، متصارعين يشتد النفور بينهما الى درجة الصراع العنيف.  كما ان المفردات تتسم بالعنف شتما وتوبيخا واستهزاءا وتشهيرا وتسفيها وتهديدا. في حين تتكثف الصور الجنسية والمواضيع المتصلة بالقدح في قيم الرجولة والفحولة والشرف بشكل واسع للتشهير بالطرف المقابل المتمثل في الغريم السياسي.  ما صيغ التاكيد المشفوعة بالافعال الماضية المرتبطة بحقل دلالي عنيف ( لقد قتل، إن ذبح، لا شك أن تهجير، إلخ) تستعمل لتجريم الطرف الاخر.  هنالك دائما طرف اخر في خطاب المرحلة اللاحقة للثورة في تونس، من نوع هم ونحن، هم ملحقة بها كل اساليب السب والشتم والتعيف والوعيد و"نحن" الضحايا الذين عانو من تجاوزات الاخر.  من بين الاساليب اللغوية المتوارثة في اللغة العربية هي استعمال ادوات التوكيد في بداية الجملة لابعاد اي شبح للشك. كما ان استعمال الافعال يجعل البنية اللغوية محتمة لوجود فاعل مسؤول عن الفعل، أي طرف قام بشيئ ما، عادة. وهذا الامر يخدم المفاهيم سابقة الذكر ويجعل تقبلها ممكنا.  فيكفي ان تقول مثلا "إن ما قام به فلان من تشتيت للمجتمع وللبنية الاسرة لهو من باب عدائه لقيم كذا وكذا" ليصبح المعنى ان ما قام به ثابت وأن النتيجة حتمية وسيئة.
  هكذا تبنى المفاهيم السياسية خاصة اذا ما وقع الاعتماد على خلفية دينية او عقدية صلبة كالعصبيات الجهوية والمذهبية والحزبية وعصبيات الاقليات.  فيكفي ان يتوجه خطاب وثوقي باسم احدى هذه الاطراف إلى الطرف الذي في الجانب الاخر حتى تخلق عداواة ويصبح التفكير اما معي او مع اعدائي.  ثم ان نيل الاستحسان لا يتم بالا بالولاء للشخص او للطرف الذي ينتمي اليه.  اما عن النتيجة التي تبرز عن كل هذه الظواهر اللغوية فهي تشكل الانوات كاشخاص لا تربطهم بمن حولهم ثقافة حوار ولا امل في الطرح والطرح النقيض والمنزلة ما بينهما.  لا توجد مناطق وسطى في لغة التطرف والشمولية والعنف والمفاهيم الجاهزة.  هذه المدينة اسمها كذا لان نصا ما او مصدرا ما او حجرا ما يشير الى ذلك فم يسميها بغير ذلك فهو كافر بافكاري ومن يكفر بافكاري هو عدو لي.  يقع التنافس على التسمية وفرض تسمية اخرى مكانها ورفض التسمية المتعارف عليها.  في قضية مشابهة للصراع الفارسي العربي على تسمية الخليج عربيا او فارسيا، لكن مع فارق ان الصراع الجيوسياسي له دلالته وللتسمية مبرراتها وتاريخيتها، يمكن ان فهم صراع المصالح هذا بين الدول على مجرد التسمية، لكن ان تفتح جبهة داخلية مبدؤها لغوي حول تسمية مكان ما امر يجعل مسالتي السلام والتوافق الداخليين في منتهى الخطورة.  هنالك موضوع اخر يلعب فيه اللغوي دور المؤسس للهوية فبين مثبت لهوية اقرها الدستور الى ناف لها ومتنصل من اللغة والدين والثقافة والمعطى كما يعتبرونه تلعب اللغة دور المؤسس والمقر والناحت والنافي والمستهزئ والساب والشاتم والنافي للاخر. 
قد يظهر التحليل السابق للظواهر اللغوية في تنافر تام مع روح الثورة كمشروع جمعي وكاطار لعمل وطني فيه من الالتقاء اكثر مما فيه من الافتراق، فالثورة هي تشكيل لحمية وطنية جامعة وتشكل لوعي جمعي خارق لا مثيل له الا عند الحروب وحصول الغزوات الاجنبية.  الا ان المفارقة ابعد من ذلك، اذ يظهر الخطاب العنيف لمكونات مجتمعية تدعي الثورية، ويصبح المكون السياسي والاجتماعي الذي قامت عليه الثورة جزءا من المكونات التي تمارس التساب على صفحات التواصل الاجتماعي.  بقطع النظر عن صدق الثورية لدى الطرف المدعي لها، فإن الخطاب الثوري لا يظهر في لغتها سواءا اكان ذلك في مشروع طروحاتها ولا في جماعية نظرتها.  قد يكون من الانسب ان نتحدث عن شيء ما قد تم ولم يحقق الحالة الثورية في مستوى الافراد بقدر ما قتل الروح الجمعية وقوى الروح الفردية ونزعة الغنيمة والتعادي، وهو ما يمكن ان نسميه بالعقل البوست ثورجي.  لاشك ان التسمية محاكمة للثورة في حد ذاتها عبر خطاب استهزائي مستنقص من قيمتها، لكن التوصيف يحيل الى حالة لم تتم وعمل لم يستكمل وادعاء لم تستطع العقول ان تجسمه كحقيقة حاصلة في الاذهان والمشاريع والافكار.  إن أزمة العقل اليوم متمثلة في جملة من التوصيفات السلبية والخطيرة التي يمكن من خلالها ان نرى ان العقل في مرحلة البوست ثورة هو عقل الثورجية عقل : انفعالي، روابطي، اقلياتي، توهمي، ثبوتي، عنيف، مكبل باللحظة، سوداوي، هدام، غير مستشرف وغير مبدع. 
  
 
 


Tuesday, August 19, 2014

فصل المقال في شر العربان الاعربان وبيان فضل العرب على الخبث المبان من داعش الى تداعشت في زمن المحان.

فصل المقال في شر العربان الاعربان وبيان فضل العرب على الخبث المبان من داعش الى تداعشت في زمن المحان.
اعراب العربان واعربان الخنز
الاعراب اشد كفرا من غيرهم وهم الماردون على النفاق ابدا بحكم طبيعتهم البدوية التي تميل الى الخداع كاسلوب عيش وطريقة لنيل العلى بالمخازي وهم اليوم يتطاولون في البنيان ويسهرون في خيم العدو بحثا عن السلامة في كاس الذل بلذة.
ومهم ما يشتبه بهم القول اليوم في تناول شأن عرب الكرم والمعالي الذين شهد لهم التاريخ بالهمة والنسامي من حضارة رسول الانام عليه الصلاة والسلام.  ينالهم بالسب طلبا للمجد سؤدد المقادير قوم اعربان يقال لهم عربان الخنز.
اما اعربان الخنز هؤلاء فأسأل بهم خبيرا ممن يسمع نعقهم بتكفير البربر العرب والعجم ومن عاصرهم عامة. السنتهم مناجل من سخام بها يجلدون ويكفرون كل مؤمن بالارض والتاريخ والله ان لم يجعل وهمهم وما يستطرون زابورا يتلى.  خنز في عقولهم الخناس الشتيت موهما لبهم الرديء ان جدهم من فرع بديع فاودع فيهم فرقة ليست إلا خنزوانة جهل وعصبية ابتاعوها من ام الخنوز ببعض وهم واستعداء للقريب بحثا عن غيث الروم في زمن الضعف العام.
 راموا سنة التدعيش من الاعراب ليبتنوا تدعيش الخنز وما افترقا المتخاصمان الا ليلتقيا على حدود الدم وصنع الفتن طلبا لرياسة على قارة النخاسة.   فان سألاك من اي العرب انت فقل ليس لي في اعراب الكفر بالانسان نسب ولا في اعربان الخنز عرق. بل ان لي في عرب شم انتساب بانفة وعزة لا غنائمية بالركوع والخناء ولا راكعة لروما طلبا لامارة على اللمس. روما ماعادت تعطي مراسيم أمارة ولا تبارك الا الذبح، ذبح الاعربان للعربان تخوينا وايهاما من المس، اصبغ جلدك بما شئت فلا الروم ولا المخنزرون تغشاهم غاشية من جلدك، انت كما انت في عينهم جارية يكترونها بدل بيعها في مراسم الذبح فتدر عليهم مشاريعا وتمكينا.  الا بعدا للاعراب والاعربان باعة الدين والعرض والوطن.

Monday, July 21, 2014

مالكم كيف تحكمون؟ مالكم لا تتناهون عن منكر فعلتموه؟

مالكم كيف تحكمون؟  مالكم لا تتناهون عن منكر فعلتموه؟
حينما يتعلق الامر بالتباكي والبحث عن المصلحة يستعرض جهلة المسلمين كل ايات الدعم والشحذ لكن عندما يقترفون جرما او يسكتون عن ماساة اقترفوها أو مظلمة يسكتون يرونها باعينهم تغيب اصواتهم وتخرس السنتهم... اليسو بذلك في عداد المغضوب عليهم ممن لا يتناهون عن منكر فعلوه؟ 
ونحن ننظر الى مأساة مسيحيي العراق يجلس الشيوخ والفقهاء والمفتون الى موائد الاكل والغنيمة والمتعة يتجادلون في مغنم او نكاح او تمكين اخواني لا غير.
مالا علاقة له بهذه الامور الشهوانية الغبية ليس من دينهم في شيئ.
هل رايتم شيخا او مهووسا جنسيا من هؤلاء يطلب دعما للمسيحيين المظلومين أو حتى لاوطانهم التي يفتك بها طاعون التكفيريين؟  قطعا لا...
 في مواكب جنائزية حسينية اخرى وبطعم اشد مرارة اليوم يطلق اصحاب الدين الاموي حملة تهجير وتنكيل بالاخوة المسيحيين المسالمين من ديارهم في مشهد يذكرنا بالتنكيل بال الرسول الاكرم وبتهجير الصهاينة للفلسطينيين في 1948.  لصالح من صنع الدول الدينية وتهجير المخالفين في العقيدة؟ لصالح من يقع اخلاء المشرق من المسيحيين؟ اليس ذلك تمهيدا لحشد المسلمين الاغبياء في كنتونات تدعى دول ما بعد خارطة الدم؟ الا تعلمون ان هذا مطلب صهيوني سيقضي على ما تبقى من قلسطين؟ الم يكن التهويد نظيرا للاسلمة بالقوة؟  هل نزل كتاب الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من اجل قتل المخالفين جميعا وفرض الدين عليهم؟

  هل إستيلاء المسلمين على بيوت وممتلكات المسيحيين المهجرين في العراق بعد طردهم حلال؟؟؟ فيئ أخر اليس كذلك؟ هل رؤيتهم يتركون ديارهم هاربين من الموت متعة يا امن تدعون دين العدل؟ يا امة وغلت في اناء السرقة والنهب باسم دين كاذب... يستنفر المتاسلمون من اجل حفنة مجرمين وقطاع طرق طردوا من السلطة حفظا للدماء والاوطان ولا يتحدثون عن شعب يشرد.  المسيحيون في العراق اقدم من المسلمين ومن مصائب مذاهبهم وشعوذات مفتيهم واجرام علماء دينهم. المسيحيون في الشرق هم عماد استقرارنا ووحدتنا واهلنا قبل اي شيئ آخر... 

Saturday, July 12, 2014

الوهم اشد الاعداء بأسا وخطورة...

الاخوان الواهمون لا يقبلون ان يكونوا دون مرتبة البطولة في كل قضايا الامة بجهلهم وعمى بصيرتهم وانحناء ظهورهم.  هم يظنون ان مجرد التدين المتغابي السطحي يمكنهم من الكذب وشيئ من الخزعبلات والسرقة والنفاق تحت الطاولة وان حملهم لقضايا كبيرة وللواء الدين لهتانا يسمح لهم بمخالفة تعاليم الله. اليس  الله والدين والتعاليم ملكه؟  اليسوا بمثابة ابناء الله؟ اذا فهم اقرب الى المغفرة عن كل الجرائم التي اقترفوها  واقرب الى الله من الغوييم والعلمانيين .. اليسوا احرار في ربهم ودينهم. اليس الاله الذي يعبدون اقرب اليهم من اي كان؟ اليس القول ان الله ربي وانا اصلي له كيفما شئت على قول حد الدراويش مدعي الالصوفية جائزا؟   حالة الالتباس هذه هي تكثيف لمشهد النفاق والجبن في الخلفية الحضارية التي اليها ننتمي.  ان التدين بالدروشة والتلفيق وتلصيق صور اللاهوتية القبول بالفكر الخرافي كما في صحاح المرويات هي مكمن الداء.  ولئن كانت هذه الحالة تعبيرا عن التبرير الخرافي الذي ميز عقل الانسان الاسطوري، فانها تحيل الى غياب النص المرجعي والى الاتكاء على عصا النصوص الملصقة به. بمعنى ان القران ذي السجل الغيبي يحيل الى ما يمكن به للعقل من موازنة الاستعمال المنطقي للاستدلال مع الجانب الغيبي ف ي النص. من ذلك انك مطالبكمؤمن بتصديق ما لم تشاهده من رسالات ومعجزات سابقة لكي يتم ايمانك، لكنك مقابل ه باعمال عقلك في الموجودات من حولك، بتدبر النص نفسه وبفهم وجدانك وتمحيص صدق روح الايمان في صميم نفسك. أي انك في النهاية تستعمل ادواتك المعرفية المتاحة لتحدد موقفك من الدين والايمان وليحصل لديك قبول بالعقيدة من عدمه.  ان هذا الاسلوب المعرفي الوجداني يعطيك حرية استعمال ادواتك لكنه لا ينتظر منك ان تسلك طريق الدروشة والتدين الواهم ...ان يتبعون الا الظن كانت  تهمة الكافرين ولم تكن يوما هو سبيل المؤمنين ...اي ان ما لا يقينية فيه باحدى السبل المتاحة للاقناع وجدانا، عاطفة أو عقلا او نورا في الصدر ليس الا ظنا.
من هنا نفهم ان محاربة الاسلام تبدأ من سلوك طريق الوهم والدروشة التي تنتهي حتما بالتلفيقات والالتواءات و الكذب لتبرير موقف او راي او اعتقاد. وبما ان القران لايسمح بالتغيير فيه نصا عبر هذه الاساليب، بقي الالتجاء الى احاديث العنعنة التي استعملها السابقون والفوها في فترة امتدت حتى مأتي عام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقين في انه قد قالها حقا. لا ضير في ان نسلم ما اتفق منها مع مضمون وروح ونص الرسالة لكن ما اضاف الى القران فليس الا بدعة يدخل من خلالها الجهل والى الدين ويبيح به ما نراه .  من تقتيل وتخريب وكفر...ان الكفر بالسنة مجملة هو مدعاة الى تقزيم الدين ومعادات روح النبوة فيه. فهذه رسالة تعاضدها نبوءة خالصة.  لكن التسليم بالنصوص اعتمادا على علم التجريح واقوال الفقهاء ليس الا بيعا للعقل وافسادا للدين  نفسه.
اذا سلمنا ان ديننا دين طهارة فلا يحق لنا ان نقبل باحاديث تقول بشرب بول البعير حتى وان ثبت بالعلم انه    شاف حسب ادعاء باحثي الطاقة مثلا.  واي حديقث يدعونا الى شربه يجب ان نقف تجاهه فلا نتهم الرسول الاكرم بالجهل ولا نقول ان الامر يقيني فلنقبله فلو كان الامر مهما لنا في الدين والدنيا لنزل فيه نص. العسل شفاء وهذا في النص الثبوتي الدلالة والمشترط ايمانيا فلماذا لم يذكر البول ان كان شافيا ... ثم لماذا ينحدر التفكير الخرافي التبريري الى الحديث عن النجاسات واستعمال مفردات لا تليق بادب الحديث؟ الا يعلم الرسول الاكرموهو من ارسل اليه ان النص الالاهي يذكر التخصيص لضرورة التوضيح باسلوب مؤدب موزون وغير فاضح.  فكيف ينطق صاحب الرسالة بمفردات لا تحترم اسلوب راسالته؟ لا بد ان ندرك ان الفجاجة ليست من ادابه صلى الله عليه وسلم ولا غياب الادب حاشاه من هو على خلق عظيم...
اذا اردنا ان نفهم الخور المعرفي و الحضاري الذي نحن فيه فيجب ان ندرك حجم الهوة التي وضعنا فيها خطاب التبرير والوهم. الم يحارب القران الوهم؟  ان الوهم كما يبين ذلك د. محمد شحرور هو عدو الاسلام وان كل شر مصدره الوهم. الشيطان وهم لان رفض قبول الوهية الله والخطسئة وهم إلخ.  وبذلك فان كل ناشر للوهم هو معاد للدين بما في ذلك من يرفض المنطق و و الدروشة في كل مجالات الحياة.   ان تتين وتسرق وتوهم نفسك انك حامل لواء الدين هو وهم، ان تزرع الارهاب وتساند القتلة وتقول انك مسلم فهذا وهم، ان تساهم في تفقير وتجويع الامة لكي تستمتع انت وتقول ان سياستك الاسلام فهذا وهم ايضا. ان ترى خطك السياسي يقود الى الهاوية ولا خير فيه وتصر عليه فهذاايضا وهم. وتتكدس الاوهام تغوص في الادران قلوب اتباعها حتى لا يبقى من ايمانهم شيئ غير الوهم والايهام والتظاهر.  اليس الوهم هو من اردى فرعون في اليم.  فاذا كان به عقل فكيف يسلك طريقا في البحر اقتفاءا لعدوه موسى؟  .  ، 

Wednesday, July 9, 2014

الرومي يا حراير

هنالك مثل تقوله النساء عندنا منذ زمن : الرومي يا حراير
اي ان هذا الامر جلل وان هذا موقف جدي ولا مزاح فيه
يقال عندما يصمت احدهم في موقف حاسم ويتردد عن امر جلل ومهم جبنا ونفاقا.
اصبح موقف الثورجيين والاسلامويين والحقوقيين واصحاب الصف الاكلنجي الذين هللوا وصفقوا ومصمصوا طويلا بلعاب يسيل بلا هوادة عندما انطلقت التحركات لاسقاط نظام القذافي وبشار وصدام حسين  من قبلهما.   كان المفتون وشيوخ ابي فتوى ودعاة الوهابية وحكام ابي توكيل وساسة ابي لحسة ومغامرو ابي فلس واعلام ابي فتنة كلهم يتسابقون لرؤية النظم القديمة تسقط لتبنى على انقاضها ديمقراطيات مزعومة لعصابات متعطشة للدم والمال الفاسد.   لم يحصل عقب هذه التحركات الا الخراب لدول كان تتنفس رغم الضغط الذي كتم انفاس المتحررين والمخربين على حد السواء.  لم تحصل تنمية ولم يقع اي انجاز يمكن لاعلام الفتن ان يتحدث عنه.  بل زادت عصابات النهب والتهريب فتكا بالبلدان وتمكنا من ممارسة الارهاب على اصوله. رغم هذا لم تصمت الحرائر عن تمجيد الثورات المزعومة.  لكن بمجرد ما قصفت غزة لم نسممع عن ادار دم الصهاينة ولاعن جهاد النكاح ولا عن تكفير نتنياهو المؤمن جداااا والذي لا تحاربه الملائكة على جياد بيض ولا تنعقد الجامعة العربية لمجرد شجب عدوانه ، الرومي يا حراير ألزموا حدودكم ولا تتطاولوا على نتنياهو رضي الله عنه ولا تتحدثوا بسوء عن فتاوي الجهاد ولا عن الملائكة ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم يدعو مرسي الى الصلاة به.  
الرومي يا حراير ، التطاول هنا ليس كسفاهة الكلام تجاه اخيك العربي المسكين.  تكفير نتنياهو و الدعوة الى الجهاد ضده تعني الرد المسكت والمفحم وليس من ورائها طمع في مال او مكسب.  يا ايتها المغردات
بالثورة والجهاد على بشار والقذافي اللعب اليوم اصبح مع الرومي وليس في الامر من هزل.
الرومي يا قرضاوي ويا غنوشي ويا مرسي وياا ردوغان ويا حمد ويا شيوخ النكاح والبول والخراء ... رغم ان المقتول في غزة مسلم سني ولا فتوى تنقذكم من الخزي بتتحليل دم المسلم الشيعي... لا شيئ يستر عوراتكم ايها الساد.ة الثوريون القوقيون والمناضلون.  انتظرنا منكم كم يوم لتكذيب حدسنا فلم تجرؤا، انه الرومي فعلا... بكل بساطة انتم وفرتم علينا كثيرا من الوقت بان كذبتم انفسكم بانفسكم وسقطت اخر اوراق التوت من على اجسادكم ، الف تشكرون على هذا التعري المجاني في حفلة ليست ككل الحفلات... هل بقيت لكم من خافية؟ اظن ان الزمن سيكشف اخر اوراقكم قبل ان ياتي طوفان المقاومة ، طوفان لا يبقي ولا يذرالا من اتى الله بقلب سليم، الا من على اسلامه ختم المقاومة الجهادية الصادق والحب الصافي لله ولمخلوقاته الطيبة  سترون انهيار ما كنتم تعرشون.... المقاومة قادمة وريح الحق وحدها ستعلم الشعوب الدين الحق والجهاد الحق وروح الانسانية الحق.  سيكون على رؤوس المتهاوين خراب شديد في عصر العروبة المقاومة القادم..

Friday, February 28, 2014

امة خسرت معركة الهمة

امة خسرت معركة الهمة


طواحين الهواء انتهى امرها... لا احد اليوم يسلب شخصا الحق في تكلم لغته مهما كانت... من منع اليهود التونسيين من ان يعلموا ابناءهم العبرية والتلمود؟ من منع البربر الامازيغ من تكلم لغتهم وتعليمها لابنائهم؟لا اطن غبيا يستطيع ان يفعل بك ذلك ان لم تكن انت العاجز والمفت.

  ام ان دون كيشوت لا يحب الوضوح؟

ام ان مطلب الحرية وراءه تقسيم ودعوات للانتقام من التاريخ؟  المنتقم من الثارات المدفونة في التاريخ لن يجد غير بني جلدته عدوا ومن وطنه هدفا ومن مستقبل ابنائه تهديما... بدل الوقوف وراء القضايا الكبرى فصلوا المطلب ولا تعطوا البديهيات ابعادا اكبر مما تستحق والامور اعقد من بساطتها...ان كان القصد اللانتقام من الغزاة الذي اخذوا السبي باسم الدين فالفتنة نالت الجميع وليس الطابور الخامس باقل شرا من الغازي. ابناء الامازيغ الذين مارسوا الحرابة ضد ابناء جلدتهم وعملوا في عصابات التنكيل كانوا اشد تنكيلا باهلنا من الغزاة الذين جاؤوا لملئ خزينة الدولة الاموية... فلماذا لا تقولون ننتقم من احفاد احفاد الجيل المأة بعد الألف لهؤلاء البيوعة الذين هم بيننا اليوم؟ ام ان الامر لا يؤجج فتة ولا يصنع عصبة تقفون على راسها ابطالا لمجد لا يعني شيئا؟

نحن نتقاتل منذ الاف السنين بسبب عقول لا تعقل واذان لا تسمع من اجل لاشيئ... بينما تتقاتل وتتلاحم شعوب الارض من اجل مصالح لقد من الله علينا بامثلة ناطقة مبينة لا يماري فيها الا المعاند. العراق كان بلدا يستوي فيه الناس تحت خط كتم الانفاس اما اليوم فاضحى الخراب بديلا عن عمرانه وامنه والتقزيم بديلا عن وحدته.  باس حرية الاقليات والنعرات وبفضل رجال الدين والعرق تقاتل الناس لمجرد الحمية ونمى الارهاب وتفقر الشعب وذهب الامن وته الحرية المزعومة.
لماذا نحن هكذا بمحض ارادتنا؟

عند غياب الهمة تتجه القوة المؤسسة لعصبية الجماعة الى قوة تشظي ويضحي تحقيق الغرض من القريب اسهل من التصدي للغريب.  نعلم جميعا ان الامبريالية زرعت الكيان الصهيوني كجزء من مشروعها للاستيلاء على المنطقة عبر التوكيلات وتمرير برنامج استغلالها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، لكن ضحالة الفكر وخواء النفس وقلة الحيلة ترى المشهد في تحقيق ثارات على ابن العم والجار والصاحب، فترى معارضي النظام في مستشفيات العدو والجيش يحارب وكان الة حرب العدو الذكية ستثتني المعارض عند قصف دمشق. كما ترى الثوار بين ودعاة حرية الاقليات عند ليفي المغتصب كامستباحة مستجيرة من غاز بمغتصب، وترى سماسرة الدين في احضان ماكين يطلبون منه المدد لتاسيس دولة الله على الارض.

كل الكائنات بها جينات الاتحاد والعصبية والاجتماع الا جينات شعوب ما تحت المتوسط.  افقدنا العبور  والتسبيط للتربة البوصة وزادتنا الدكتاتوريات الازلية نكحا فصرنا ننتقم من ذانتنا لذاوتنا ونتلذذ بالانتقام من جلودنا وكيها لكي يحدث الثار ونذوق طعم التشفي في انفسنا ان لم نسطنع تحقيقه في العدو...ومن هو العدو؟ انا عدو لذاتي لان نفسي شهدت هوان نفسي و شمتت في فيما سبق... فساضل اطلب الثار من كل زوايا واركان كياني لاسل بذلك سخيمة قلبي المكمود

Sunday, January 26, 2014

امة السلف الذي لا يصلح لنا: بربريست سلفي وهابي سلفي اخواني سلفي قومي سلفي بورقيبي... حتى التخلف صار سلفيا في امتي. الجميع يفتح الصور الفتوشوبية للماضي ويبني عليها احلاما وردية على الورق دموية في المجتمع. المؤامرة تتخذ من هذه الافكار مادتها لتضرب غباءنا باحلامنا وتخلطه بالدم. كل البرامج السلفية تتتعسف على الماضي وتقدس عفوناته لتبني خلافات وانشقاقات وحروبا و ماسي اخرى. كفانا سلفية رجاءا فلو صلح سلفنا لما اورثنا تتركة التقاتل بين الاخ واخيه والسلب والنهب. امم العالم تتوحد لمجرد الجغرافيا اما سلفياتكم فتفرقنا بين امازيغي ومستعرب وعربي ، بين مسلم ذي لحية واخر ذي عمامة وغيره ممن يدخل الحمام باليمنى، بين مسلم متاسلم ومسلم الا ربع، بين عربي قح وعربي مستعرب واخر من دم بربري. الغرب المتقدم رضي الله عنه يجمع بين الانجليز والاسبان . بين الفرنسيين واللمان برغم الام وجرااحات الحروب وينسون كل ذلك من اجل ب. انهم يصدرون الينا فيروس السلفية كل حسب شهوته: سلفية امازيغ سلفية اخوان سلفية وهابيين والقائمة مفتوحة لاصحاب الشهايت المفتوحة للدم والدمار. نحن متطرفون بالوراثة الجينية اصلا. فكيف لا ناخذ الامور بعقلانية؟ انسب الى نفسك ما شئت لكن لا تتعسف وتنتقم من التاريخ لصنع المستقبل. الدروس تأخذ بالعقل والثارات لم تخلف غير حرب البسوس وما شاكلها من السخافات. ان رايت ان سلفك الصالحين، وانا اشك في صلاح من ورثنا الدم والخنوع، قد ظلموا فاطلب السلامة والعزة لابنائك لان القاضي بن يحاكم الاموات. الحركات العنصرية وحدها تبني على هلوكوستات ماضية لتبرر اقصاء وقتل الاخر وافتكاك ما لديه. العنصريات وحدها تنشئ الماسي من رحم التشاكي ودعاوي التفتيت. الاصل في العقل والمبدأ في الرصانة ان يقول الحريص على دينه وصلني هذا المعتقد وانا في هذا القرن واعيشه بمنطق العصر ومن سبقني لن يكون افضل مني واقدر على البناء والتدين الصحيح ، المسالم البناء. اما من جاءك يغلي وهو يطلب الثأر لمن بدل لغة اجداده، فعنه صبّر النفس لعله يستذكر ان الالسنية بعلومها وقوانينها لكلامه لا تستسيغ ولقوله لا تصغي لان طريقة العيش لا تغير لغة برمتها الى اخرى. وهب ان العرب بفاتحيهم وغازيهم اجبرواالناس على دورات مكثفة في العربية وفرضوها على الرضع والعجز بحد السيف، فهل تاتي من جديد لتفرض علينا لغة سلف السلف بسيف اخر من هذ االعصر؟ بقي العرب ما بقوا في الاندلس ويوم غادروها مطرودين لم تلبث لغتهم ان سحبت الرداء من بعدهم وانسدل الستار على حقبة باكملها وعاد الناس الى لغتهم الاولى. لا خلفهم يبكي سلفه ولا لغتهم استحالت عربية. هل كان العرب ارحم بالاسبان منهم بسلفنا؟ لا ولك العائلات اللغيوة لم تكن تسمح بلغة الالتقاء بين المنطوقين. ثم أ ن اللغات التي هي من نفس العائلات اللغوية معرضة اكثر الى التمازج والانصهار في اطار قوانين طبيعية لا ظلم فيها ولا هضم لحقوق يستدعي الثأر اليوم بتمزيغ ما قد تعرب سلميا وطوعيا وفي اطا حركة طبيعية للامور لا يرقبها غير فيروس السلفية الصهيوني الصنع. بينما لم يذعن سلفك "الامازيغي" زعما لحكم العربي الحجازي واعتنق الاسلام واللغة وبقي وفيا لهما حتى بعد مغادرة حكم الخلافة ارضنا. احكم الرومان السيطرة لقرون اطول فلم نتكلم لغتهم فلم تقولوا تمرمرنا والحال ان التاثير اللغوي كان بفس الاحكام وفي نفس السياقات. مرت علينا كل الحضارات جرا وسحلا ولم نتغير الا بما تحكم به قوانين علوم الاجتماع واللغة وغيرهما، بقيت النواة والجذع وانصرف الزبد الى جفائه. والقول ان العنصر العربي لا غير هو لون الخريطة من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي هو ضرب من السلفية الحجازية. ثم ان القول ان الأمة صنيعة توالد من اسر الى مكونات اكبر كالفخيذة والقبيلة والعشيرة هي حركة تزييف للتاريخ لم يعد حاملوا المشروع القومي يستأنسون بها. الامة وعاء حضاري تمن بها الاقدار ومسارات التاريخ على شعوب وقبائل فتتجانس المكونات الحضارية لتصنع جسدا ثقافيا في سياق حضاري واطار جغرافي سياسي يجمع كتلة بشرية تصنع بسنن الحياة وقوانين الامور امة تجتمع على تكثيف الالتقاء والتلاحم مع تجارب التاريخ فتصبح مكونا واحدا رغم درجات الاختلاف الداخلي، وهو امر ضروري لكل كتلة. في هذا السياق تصبح الصيحات السلفية تشضيا وتدميرا للكيان الاشمل الذي من المنطقي أن يحمي الجميع. والسلفية هنا هي من دواعي غياب الروح الجمعية وهو مايصيب الفرد في علاقته بالجمع الذي ينتمي اليه سياسيا او اجتماعيا او عقديا. كلما احس الفرد بضعف المركز والعصبة الجامعة كلما اصبحت الفردية طوق النجاة الاقرب الى ردة الفعل اللاارادية منها الى الهبة الجماعية. ففي اطار عجز الامة بمفهومها التاريخي كاطار حضاري عام على حماية الفرد واحتواء احلامه ومتطلبات عيشه، يصبح الكيان الذي يليه اقرب الى استيعاب احاسيس وشجون الروح الجمعية. فبغياب الامة تصبح الكيانات الاقليمية المتمثلة في الدول الوطنية معبرة عن الهوية والمتطلبات، اما في حال استيلاء الاقلية على مقدرات الدولة فيتحول الثقل الانتمائي الى الجهة او القبيلةاو غيرها. وفي غياب القبيلة كما في تونس يلتجأ الافراد الى تعبيرات اكثر صغرا وتقوقعا كالحارة "الحومة" التي تصبح مبررا للدفاع والتأزر. وبما أن الحارة هي اقل قدرة على تلبية متطبلات الروح الجمعية وتحقيق الانتماء والاحساس بالامان، تتحول الاحزاب ونوادي الكرة الى مكونات اجتماعية تحقق جانبا مهما من احساس الفرد باجتماعيته، وهو الامر الذي يحدث عندما تفقد المجتمعات الروح الجمعية العامة. ففي تونس مثلا ضعف اهتمام الناس بالكرة وتحزبهم لها في ما بعد هبة 2010-2011. عوضت الاحزاب هذا الداعي النفس اجتماعي الى حد ما ثم فشلت في تحقيق متطلباته فظهرت الروح الجهوية في فترات متفاوتة غابت فيها الاحاسيس الاعم بالوطنية. ان ظاهرة التشظي هذه تظهر اليوم عبر الدواعي السلفية غير واعية بان هذا هو ضرب للروح الوطنية داخل الدول الاقليمية بشكل واضح بتفتيتها الى انتماءات عرقية ولغوية كان عليها السلف المتهم بالصلاح وليست مجرد دعاوي حق تبغي اعادة تسمية الاماكن بتسميات للغة سابقة. لم يطلب الانجليز اعادة تسمية كامبردج ونوتنهام او غيرها بسبب تعود الى وليام اوف نرماندي الغازي . فلو قام هذا الادعاء لضحك الانجليز انفسهم من ذلك. ان اصل نوتنجهام (اسمها الاصلي الانجليزي = سنوتنجاهام= مستوطنة سنوت) هو عدم قدرة اهل نورمندي الغزاة على التقاء السين "س" مع النون "ن" فاصبحت سنوتنجهام، والامثلة كثير في هذا السياق. وبرحابة صدر قبلها الانجليو لانها اتية من عوامل سياسية واجتماعية تاريخية سببها "اعاقة" فونواوجية لدى المستعمر النورمندي. ان الوعي الجمعي في انجلترا يمتلك نضجا وهمة عالية ولا حاجة به الى سلفية سكسونية او انغلو ساكسونية تعيد الثأر من تاريخه. فمتى نتوقف عن اللعب ابصابعنا في كل مكان من جسدنا باحثين عن ثغرة او ندبة او مدخل نولي اليه هربا من عدالة ودفئ اللروح الجمعية؟ ان المغتاض من عوامل التاريخ الطبيعي لاشياء سلفي لا يعيش يومه والخوف كل الخوف من تدميره لمستقبلنا.

امة السلف الذي لا يصلح لنا: بربريست سلفي وهابي سلفي اخواني سلفي قومي سلفي بورقيبي...
 التخلف صار سلفيا في امتي.

الجميع يفتح الصور الفتوشوبية للماضي ويبني عليها احلاما وردية على الورق، دموية في الواقع،  المؤامرة تتخذ من هذه الافكار مادتها لتضرب غباءنا باحلامنا وتخلطه بالدم. كل البرامج السلفية تتتعسف على الماضي وتقدس عفوناته لتبني خلافات وانشقاقات  وحروبا و ماسي اخرى. كفانا سلفية رجاءا فلو صلح سلفنا لما اورثنا تركة التقاتل  بين الاخ واخيه والسلب والنهب بين الجار وجاره. امم العالم تتوحد لمجرد الجغرافيا اما سلفياتكم فتفرقنا بين امازيغي ومستعرب وعربي ، بين مسلم ذي لحية واخر ذي عمامة وغيره ممن يدخل الحمام باليمنى والاخر باليسرى، بين مسلم متاسلم ومسلم الا ربع، بين عربي قح وعربي مستعرب واخر من دم بربري.  الغرب المتقدم رضي الله عن تحضره يجمع بين الانجليز والاسبان . بين الفرنسيين والالمان برغم الالم وجراحات الحروب وينسون كل ذلك من اجل مشتقبلهم. انهم يصدرون الينا فيروس السلفية كل حسب شهوته: سلفية امازيغ سلفية اخوان سلفية وهابيين والقائمة مفتوحة لاصحاب الشهوات المفتوحة للدم والدمار.
نحن متطرفون بالوراثة الجينية اصلا. فكيف لا ناخذ الامور بعقلانية؟ انسب الى نفسك ما شئت لكن لا تتعسف أوتنتقم من التاريخ لصنع المستقبل. الدروس تأخذ بالعقل، أما الثارات لم تخلف غير حرب البسوس وما شاكلها من السخافات. ان رايت ان سلفك هم الصالحون دون غيرهم، وانا اشك في صلاح من ورثنا الدم والتخلف، قد ظلموا فاطلب السلامة والعزة لابنائك لان القاضي لا يحاكم الاموات. الحركات العنصرية وحدها تبني على هلوكوستات ماضية لتبرر اقصاء وقتل الاخر وافتكاك ما لديه. العنصريات وحدها تنشئ المآسي من رحم التشاكي ودعاوي التفتيت.
الاصل في العقل والمبدأ في الرصانة ان يقول الحريص على دينه بمنطق وصلني هذا المعتقد وانا في هذا القرن واعيشه بمنطق العصر ومن سبقني لم يكن افضل مني واقدر على البناء والتدين الصحيح ، المسالم البناء.  ألم ينسب الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قوله ان اقواما سياتون من بعده وهم اكثر ايمانا به ممن رأوه؟
 اما من جاءك يغلي وهو يطلب الثأر لمن بدل لغة اجداده، فعنه صبّر النفس لعله يستذكر ان الالسنية بعلومها وقوانينها لكلامه لا تستسيغ ولقوله لا تصغي لان طريقة العيش لا تغير لغة برمتها الى اخرى. وهب ان العرب بفاتحيهم وغازيهم اجبروا الناس على دورات مكثفة في العربية وفرضوها على  الرضع والعجز بحد السيف، فهل تاتي من جديد لتفرض علينا لغة سلف السلف بسيف اخر من سيوف هذ االعصر؟

بقي العرب ما بقوا في الاندلس ويوم غادروها مطرودين لم تلبث لغتهم ان سحبت الرداء من بعدهم وانسدل الستار على حقبة باكملها وعاد الناس الى لغتهم الاولى.  لا خلفهم بكي سلفه ولا لغتهم استحالت عربية.  هل كان العرب ارحم بالاسبان منهم بسلفنا؟ لا ولكن العائلات اللغوية لم تكن تسمح بلغة الالتقاء بين المنطوقين. ثم أ ن اللغات  التي هي من نفس العائلات اللغوية معرضة اكثر الى التمازج والانصهار في اطار قوانين طبيعية لا ظلم فيها ولا هضم لحقوق يستدعي الثأر اليوم بتمزيغ ما قد تعرب سلميا وطوعيا وفي اطا حركة طبيعية للامور لا يرقبها غير فيروس السلفية الصهيوني الصنع.
لم يذعن سلفك "الامازيغي" زعما لحكم العربي الحجازي واعتنق الاسلام واللغة وبقي وفيا لهما حتى بعد مغادرة حكم الخلافة ارضنا.  احكم الرومان السيطرة لقرون اطول فلم نتكلم لغتهم فلم تقولوا تمرمرنا والحال ان التاثير اللغوي كان بنفس الاحكام وفي نفس السياقات، أذا استثنينا التقارب اللغوي بين العربية والامازيغية.  مرت علينا كل الحضارات جرا وسحلا ولم نتغير الا بما تحكم به قوانين علوم الاجتماع واللغة وغيرهما، بقيت النواة والجذع وانصرف الزبد الى جفائه.

أما القول ان العنصر العربي لا غير هو لون الخريطة من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي هو ضرب من السلفية الحجازية. ثم ان القول ان الأمة صنيعة توالد من اسر الى مكونات اكبر كالفخيذة والقبيلة والعشيرة هي حركة تزييف للتاريخ لم يعد حاملوا المشروع القومي يستأنسون بها.  الامة وعاء حضاري تمن بها الاقدار ومسارات التاريخ على شعوب وقبائل فتتجانس المكونات الحضارية لتصنع جسدا ثقافيا في سياق حضاري واطار جغرافي سياسي يجمع كتلة بشرية تصنع بسنن الحياة وقوانين الامور امة تجتمع على تكثيف الالتقاء والتلاحم مع تجارب التاريخ فتصبح مكونا واحدا رغم درجات الاختلاف الداخلي، وهو امر ضروري لكل كتلة. في هذا السياق تصبح الصيحات السلفية تشضيا وتدميرا للكيان الاشمل الذي من المنطقي أن يحمي الجميع.
  والسلفية هنا هي من دواعي غياب الروح الجمعية وهو مايصيب الفرد في علاقته بالجمع الذي ينتمي اليه سياسيا او اجتماعيا او عقديا.  كلما احس الفرد بضعف المركز والعصبية الجامعة كلما اصبحت الفردية طوق النجاة الاقرب الى ردة الفعل اللاارادية منها الى الهبة الجماعية. ففي اطار عجز الامة بمفهومها التاريخي كاطار حضاري عام على حماية الفرد واحتواء احلامه ومتطلبات عيشه، يصبح الكيان الذي يليه الى الاسفل اقرب الى استيعاب احاسيس وشجون الروح الجمعية. فبغياب الامة تصبح الكيانات الاقليمية المتمثلة في الدول الوطنية معبرة عن الهوية والمتطلبات،
اما في حال استيلاء الاقلية على مقدرات الدولة فيتحول الثقل الانتمائي الى الجهة او القبيلة او غيرها. وفي غياب القبيلة كما في تونس يلتجأ الافراد الى تعبيرات اكثر صغرا وتقوقعا كالحارة "الحومة" التي تصبح مبررا للدفاع والتأزر.  وبما أن الحارة هي اقل قدرة على تلبية متطبلات الروح الجمعية وتحقيق الانتماء والاحساس بالامان، تتحول الاحزاب ونوادي الكرة الى مكونات اجتماعية تحقق جانبا مهما من احساس الفرد باجتماعيته، وهو الامر الذي يحدث عندما تفقد المجتمعات الروح الجمعية العامة.  إنتبه عالم اجتماعا الجماعات كوترال الى هذا الأمر وفي سياقه درس تكوين المجموعات الشبابية.
ففي تونس مثلا ضعف اهتمام الناس بالكرة وتحزبهم لها في ما بعد هبة 2010-2011.   عوضت الاحزاب هذا الداعي النفس اجتماعي الى حد ما ثم فشلت في تحقيق متطلباته فظهرت الروح الجهوية في فترات متفاوتة غابت فيها الاحاسيس الاعم بالوطنية.  ان ظاهرة التشظي هذه تظهر اليوم عبر الدواعي السلفية غير الواعية بان هذا هو ضرب للروح الوطنية داخل الدول الاقليمية بشكل واضح بتفتيتها الى انتماءات عرقية ولغوية كان عليها السلف المتهم بالصلاح وليست مجرد دعاوي حق تبغي اعادة تسمية الاماكن بتسميات للغة سابقة.  لم يطلب الانجليز اعادة تسمية كامبردج ونوتنهام او غيرها بسبب كونها تعود الى وليام اوف نرماندي الغازي . فلو قام هذا الادعاء لضحك الانجليز انفسهم من ذلك.
ان اصل نوتنجهام (اسمها الاصلي الانجليزي = سنوتنجاهام= مستوطنة سنوت) هو عدم قدرة اهل نورمندي الغزاة على التقاء السين "س" مع النون "ن" فاصبحت نوتنجهام، والامثلة كثيرة في هذا السياق. وبرحابة صدر قبلها الانجليو لانها اتية من عوامل سياسية واجتماعية تاريخية سببها "اعاقة" فونولوجية لدى المستعمر النورمندي.  ان الوعي الجمعي في انجلترا يمتلك نضجا وهمة عاليتين ولا حاجة به الى سلفية سكسونية او انغلو ساكسونية تعيد الثأر من تاريخه.
فمتى نتوقف عن اللعب ابصابعنا في كل مكان من جسدنا باحثين عن ثغرة او ندبة او مدخل نولي اليه هربا من عدالة ودفئ الروح الجمعية؟  ان المغتاض من عوامل التاريخ الطبيعي للاشياء سلفي لا يعيش يومه والخوف كل الخوف من تدميره لغدنا.

Sunday, January 5, 2014

الإعاقة التفاعلية وإعادة صنع االفشل

الإعاقة التفاعلية وإعادة صنع االفشل 


لقد اتسمت السنوات الاخيرة ببروز معاني حضارية جديدة طبعت مجمل الابحاث والتوجهات والابداعات في العلوم الانسانية
 والاجتماعية بصفة عامة، وعلوم التربية بصفة اخص. تتمحور هذه المعاني حول التواصل والتفاعل الذين يبنيان المعاني والمشاريع والمعارف أيضا. 

فالعلم هو بناء تحاوري تواصلي تتبلور فيه الافكار والنظريات ومجمل الاكتشافات في اطار تفاعلي فيما بين الباحثين والمحاضرين والطلاب. فلا يمكن لباحث بمعزل عما سبقه وما يعاصره من اعمال ان ينجز تطورا علميا.  ولعل تطور طرق التواصل هي التي سرعت الابحاث والاكتشافات في الحقبة الاخيرة.  

كما أن التدريس نفسه لا يصبح تعليما الا اذا كان في سياق تواصلي حواري ينطق فيه المتعلم بقواعد الدرس ويصل الى مجمل الاستخلاصات والمفاهيم التي يهدف اليها المعلم. انها جوهر الطريقة التوليدية التي تجعل المتعلم جادا في الوصول الى المعلومة بمساعدة المعلم. 

وفي السياق الاجتماعي، يصبح التقاء الافراد على راي واحد اكثر صعوية في المجتمعات الفردانية النزعة، بخلاف المجتمعات القبلية التقليدية التي يكون فيها الوعي مستنسخا ومشتركا بين الافراد كتعبير عن التضامن والوحدة.  وبذلك يصبح الحوار والتفاعل بين الافراد امرا حتميا للتاسيس.  اذ ان وجود قوى اجتماعية مختلفة يدفع كل منها في اتجاه معاكس للاخر يجعل طرح الديمقراطية والتعايش السلمي امرا مسحيلا.

يقتضي التفاعل الادراك بان غلبة مكون اجتماعي او سياسي على اخر باية طريقة كانت، حتى من خلالل منطق الاقلية والاغلبية، هو استئصال خطير لاسيما ونحن نعيش فترة تاسيس لم تستقر فيها مجتمعاتنا على حال تنتج فيها افكارا نمطية عامة.  ان الغلبة أو تغليب قيم اجتماعية على اخرى هو اعادة لنفس الحمق الذي مارسناه لقرن ونصف.  باسم الفئة الغالبة استعملت كل الاسلحة وخاصة ما يتنافر ببعضه مع بعض (النص والفتنة) لتغليب شق على اخر ونفي الاخر تماما. كما انسحب الامر على كل مناحي الحياة فكونا بذلك ثقافة الاقصاء والتنكيل والصد وتفننا في اخراجها بكل اصناف التدين. فاصبح الاقصاء والسحل والسلخ والسلب والنهب والاعتداء على الاعراض يتم باسم الدين وعبر بوابة الجهاد، الفعل المقدس اصلا.   

لم نكون فضاءا واحدا في تاريخنا من اجل ثقافة القبول والبناء. الغينا العقل والحق والفضيلة ولم نحاور حتى ككافرين بها بل حاربناها بلغة السيف والقوة وحدها.  لم نكتب ونجادل ونسفسط اصحاب الراي الاخر حتى.  اكتفينا بالاقصاء مسنودين بما عشنا مصرين عليه من فهم للنص القرآني ومستعينين بالسيف اولا واخيرا.  لم ننتبه اننا باقصائنا وتكفيرنا للفئة الباغية نبغي في الارض ونحفر قبورنا في حركة سيزيفية لم ننتهي منها الى الان.

ان كفرنا بالتفاعل والبناء والاحتضان والمحبة والقبول والجدال والاقناع والاقتناع و"تهوية" الادمغة وطرد ركن الشيطان فيها هو انكار لمعلوم من الدين بالضرورة. كلنا يعرف هذه القاعدة الفقهية كاحدى تعريفات الكفر لكننا لا نعي أن قصر الحقيقة على ما في عقل الواحد منا او ما في عقل شيخه أو رئيسه أو ربه الدنيوي هي عين الكفر. فالحق هو الله عز وجل والحقيقة ليست متمثلة في بعد او اثنين او اكثر فقط. انها صوة بابعاد مختلفة ومتناهية جدا لا يصلها الا العقل المحض. هذا اذا تحدثنا كمسلمين، اما والحال اننا مطالبون شرعا وعقلا ان نتحدث بخطاب اممي اشمل يتماشي مع ما نحن معنيون به من نشر لرسالة خير وسلام، فانه ينبغي علينا القبول بان مجمل الاراء المختلفة، بما فيها دعاوينا الفردية والجماعية، هي اشكال من الحقيقة ونسب مئوية منها.

ان النظر بعين السياسة اليوم يحيلنا الى صور تكفير مشترك ومتبادل بدون القدرة على التفاعل، لا بل ان محاولة الحاور نفسها هي انتاج للاقصاء في المحصلة.  في الحقيقة، تبدو المعيقات متمثلة في مركبات الغرور والخوف وعدم القدرة على الفهم، إنها الاعاقة الادراكية. رغم ان الاخير هو مصدر الاولين، يبقى الغرور بالدين مسالة واضحة في ركون الاغلبية الى الثبوتية في المواقف والثبات المستمر على الخطأ الكارثي.   

عجبا لامة تقرأ "تعالو الى كلمة سواء بيننا وبينكم" (قران كريم) يخاطب فيها الله تعالى اصحاب دين اخر، لا تعرف المحاورة والتفاعل.  يجعلنا هذا الامر على يقين من اننا لم نلامس حقيقة الدين الا قليلا ولم نفهم معانيه حتى نتكلم باسمه وندعو اليه ام نتبناه كمشروع حضاري.

إن حاجة المجتمعات الغربية الى المحاورة كاسلوب تربوي وكمنهج حياتي وعلمي و بحثي و وجداني نابعة من وجود تركيبة اجتماعية فردانية فيه نتجت عنها سلوكيات فردية انعزالية واخرى معادية للمجتمع unsocial and antisocial  وهو الامر الذي لم نصله بعد.  لكننا مقابل ذلك نعاني من عداء الاخر والغائه حتى في ذواتنا وهو ما يحتم علينا اما ترسيخ التفاعل أو اقصاء الاستئصاليين انفسهم لان محاورة بائعي عقولهم هي من اشق المهمات واكثرها عبثية.