مجاوزة اللزوم

Sunday, July 14, 2013


السياسة ولعبة الشطرنج


في مقال طريف يستعرض جون أركويلا في صحيفة الفورن بوليسي [1]  تاريخ
 الشطرنج وعلاقة صعود الدول ونزولها من المسرح الدولي ببطولات الشطرنج الدولية.  تتمثل الفكرة الرئيسية للمقال في أن إنتقال الشطرنج من العالم العربي   الأسلامي إلى أوروبا رافقه تعديل في قوانين اللعبة وتغير في ميزان القوى، مثل إستبدال الوزير بالملكة.  بعد أن سقطت الأمبراطوربة الفارسية أتقن العرب الشطرنج وتزامن ذلك مع صعود نجمهم لقرون عدة. ثم، ومن الأندلس التي فقدها العرب إستلم الأسبان اللعبة وأعادوا صياغة بعض قواعدها في زمن قوة إمبراطوريتهم البحرية، ليسلموها بعد ذلك إلى الأنجليز والألمان والروس وغيرهم.  وفي كل مرة تتفوق فيها دولة ما في هذه اللعبة يظهر تنامي تاثيرها في السياسة الدولية ومدى تطورها.  يذكر الكاتب هنا مثال فيسواناثان الهندي الذي نال لقب بطل العلم للشطرنج منبئا بصعود الهند كقو دولية، علاوة على ذلك نالت أربع سيدات صينيات اللقب في مسابقة السيدات في فترة مابعد الحرب الباردة. 
إن هذه المماثة بين السياسة الشطرنج تتجاوز المستوى الحضاري للدول ومستوى تحضر الافراد الذي يرافق الاهتمام بالشطرنج والتفوق فيه إلى ملامسة بعد التفوق الجمعي في التفكير.  لا شك أن الشطرنج هو تعبير عن مستوى راق من التجريد يرافقه خضوع لمنطق المنافسة والاحتمالات المنطقية ومسارات الامور الناتجة عن الأفعال وردود الأفعال.  لذلك لا يمكن للتفكير الغيبي المطلق الذي ينتظر النجدة بتدخل قوى خارج اللعبة أن يفهم البناء المنطقي الداخلي للشطرنج أو أن يتفوق في هذه اللعبة.  لعل هذا ما يفسر وجود مشاعل الفكر والحضارة والشطرنج جاهزة في الاندلس حتى نهايات القرن الخامس عشر على يد أبن حزم وإبن باجة ومعاصريهم مثل إبن رشد و إبن خلدون، وهو الأمر الذي لاحظه د. محمد عابد الجابري في مصنفه الشهير بنية العقل العربي.   لقد كان لهذا الاتجاه أثر في بروز "التفكير العلمي البرهاني... بإعتماد الإستنتاج والإستقراء  بدل قياس الغائب الشاهد، وإعتماد المقاصد بدل دلالات الألفاظ، والقول بالسببية  وإطراد الحوادث بدلالقول بالتجويز والعادة..." (محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي ج2 ص558)
إن ملامسة التفوق والشطرنج نمط التقكير من حيث الخلفية الأنطولوجية/الابستمولوجية للمجموعات البشري هو أمر في غاية الأهمية




No comments:

Post a Comment